Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

هروب

rebellious-womanEya Ben Gh'nia - آية بن غنية

لم تكن لي الشجاعة الكافية من قبل ، او ربما لم اعشق من قبل . ككل المراهقات واعدت شبانا قبله ، فرحت و توهجت عشقا ، غير انّ الشعلة الموقدة في كل قصة من القصص الخوالي سرعان ما تنطفئ ، لكنه مختلف . مختلف تماما عن سابقيه .. ربما بوسعي ان اشك في اصل الوجود و كل الديانات ، لكني مؤمنة الى الابد بفردانيته ، هو المميز بطبعه المجنون و مزاجه المتقلب ، عشقته .

يومها  تشجعت . وضعت حقيبة ضهري الصغيرة فوق سريري ، اتذكر ما علي ان احمل معي في هاته المغامرة  . رن هاتفي ، هو المتصل "حبيبتي ، اسرعي ، سيحين الفجر بعد ساعة "
"نسيت ماعلي احضاره"

"احضري جنونك و كفى ، سأتكفل بالباقي "

ضحكت و ضحك ، وضعت اغراضا خفيفة بالحقيبة و ارتديتها على عجل و ركضت ، كان بانتظاري عند محطة الحافلات .

لم نتأخر كثيرا ، ارتمينا على رمال الشاطئ نشاهد ولادة جديدة ، بزغت الشمس من رحم الجبال هاهناك بعيدا ، تشابكت ايدينا ، رفعت رأسي من على كتفه ، ابتسمنا معلنين البداية ، بداية حلم و حياة و حب وجنون و هروب  ، قبلتنا الاولى كانت هناك ... لا اقصد الاولى حقا ، لكنها الاولى منذ تشجعت على اطلاق عنان جنوني معه ، و من اجله . كانت قبلة مجنونة لم نحس بمرور الزمن اثناءها ، تمددنا على الرمال الندية ، تحسسناها ببطئ و اعيننا في عناق غريب ، امسك يدي و حثني على النهوض و قال "حان الوقت ، هيا بنا ."

هربنا يومها من العالم و الوجود ، جلنا في ارجاء غابة لم اعتقد يوما انني سأتشجع لولوجها ، ضحكنا كطفلين ، اتسخت ايدينا و احذيتنا بالاتربة و لم نأبه ، وصلنا الى بحيرة صغيرة  محاطة بالصخور من كل جانب ، نزعنا حقائبنا و استعددنا للغطس غير اني كنت خائفة ، كعادتي اخاف الماء ، غطس هو لكني بقيت مترددة اقف فوق صخرة ملساء احاول ان اتماسك كي لا اقع ، ابتسمت ، اقتربت مني ، مددت يدك نحوي ، امسكت بك ، فسحبتني بقوة جعلتنا نقع بقوة ، شعرت بحرارة شديدة اهتزت لها اطرافي  فجأة ، لم تقدر المياه الباردة على اطفائها ، تسارع نبضي و تبللنا ، نسيت الحر و الشمس و المياه و برودتها ، نسيت حتى ان لي جسدا كنت اكثر من انتقاده و اخشى ان يلمح احد عيوبه ، فقط كنت اشعر بجسده و يداي تحركان الماء حوله و عليه ، تطوف به بخشوع ، عندها كان معراجي ، رماني من الخوف الى حضنه ، الى الامان و القوة ، لا اعلم مالذي جعلني استرخي حينها ، تمنيت لو اني عشقت المياه منذ زمن ، لكنت ربما اكثر شجاعة ..

ألفت المياه معه و سلمت نفسي له ، و قبل المغيب بدقائق اخبرني ان علينا ان نسرع

-الى اين ؟
-الى النهاية ..

-النهاية ؟

سحبني دون ان يضيف اي كلمة ، صعدنا هضبة صغيرة و جلسنا على العشب متعبين ، اسندت راسي على كتفه ،   مشهد الغروب وسط الطبيعة الساكنة خلاب حقا ، صمت مغرٍ  و
الشمس تنزل بهدوء ..

-أرأيت ، نحن هنا في مكان اعلى من الشمس..

-...

-هذه نهاية هذا اليوم ، ربما يتكرر و ربما لا ، لكنه حتما النهاية ..

-كيف؟

-نهاية الخوف و التردد و التراجع ... تبددت كل هذه المواقف ، لا مجال لها في حياتنا بعد اليوم ..

قررنا نصب خيمتنا هناك ، اعلى الهضبة ، و اشعلنا نارا لم نكن حقا بحاجة اليها ، تمددنا جنبا الى جنب نراقب النجوم التي بدت متوهجة  ليلتها ، رن هاتفي برغم ان المكان شبه معزول ، امي هي المتصلة ..

آية بن غنية
هروب