"ظلمة الهذليّة كرهت ليالي يذهب بسكونها أبو هريرة أهملها فبقيت تبكي ويطول بكاؤها فزادها ذلك وحشة على وحشتها وشوقا على شوقها"

أتدرين ظلمة

لو ما خرج أبو هريرة من المحراب

لو صلبك أساف في منتصف الطّريق

نحو نائلة..

نحو الهبوط إلى الأرض؟!

كم أكره المنتصف والأنصاف

نصف اللّذة ونصف الجوع النّاقم

نصف الفجور ونصف التقوى المتورّعة

نصف السّراب ونصف الحقيقة العارية

كرات جمر تنسحق في النّفس

ألغام وأشواك تزرع في الجسد الطّري بدل الورود

رماد العبث يذرّ ليسدل المقصلة

عوضا عن ستار البتلات الموعودة..

اشرأبّت الأعناق بالوهم

غرستني في تربة مالحة

سقيتها باليقين المبهم

"ما أرخص الأشياء التي نبيعها من أجل الوهم"

أيّنا أرخص؟!

إله ذكر غمر عابدته بقرابين الغواية

أم عابدة أيقنت وأتقنت وأخلصت وسلّمت الجوارح الأثيريّة لمعبودها ليصالحها على الحياة؟!

ما كان لك أن تقتلع عينا وتترك الأخرى

تبصر قهرا مبكما.

ما كان لقاتل أن يغرس سكّينا ليندب الضّلوع..

رحماك قاتلي أغمد خداعك عمقا

ليكون موتا رحيما يليق باللّيالي..

علّني إذا عبرتني وما كنت لأنسى مستعمري

أكفّ عن لعني بدل لعنك.

وما ليالي إلاّ عطاء صادق

أدرك المنتهى بين يديك

ورديّ شفّاف اصطبغ بأحمر فاقع

أبيض عذريّ تزيّن بأصفر لا حياء فيه

امرأة مكتملة الأنوثة

أنيقة عطرا وشوقا وشهوة

ترتّل خلفك ترانيم الأبجديّات..

وما رفيع إلاّ ألم وخراب أجوف عقيم

مرتّب كخيبة سحريّة مبتورة

خسارة نديّة ساحقة

خوف مبطّن متعب لاهث ومصدوم

ليل موحش وعزلة وغربة المتوحّد عن وحدانيّته

شكّ يقينيّ في اليقين السّاخر

إنّك الموت العميق

وما كان بعدك إلاّ الرّحيل المنهك من التّعب..