الغــد

wondering-futureChaima Rekik - شيماء الرقيق

لملمت بأصابعي زجاج قلبي المهشم و اعرضت عن متنفس من الدموع خشية إدخال ريبة بين الجموع و للابتعاد عن دائرة الشكوك و الأسئلة الغير مرغوب فيها فالفرح في أوج بدايته .. تعاليت عن البكاء كي لا أفسد مساحيق الدفن التي تفانت الجارة في وضعها منذ فجر اليوم..

الاصل اني كنت مجنونة بمساحيق التجميل رغم تحذير أهلي لي من وضعها أو دعنا لا نلطف الامور فهو لم يكن تحذيرا بل كان ضربا مبرحا أخال نفسي بعده اني انتقلت الى عالم الاموات ورغم ذلك أجد فرحة في فعل الممنوع..إلا أن هذه المرة لا أجد غير البؤس في وضع هذه المساحيق رغم علم أهلي و اشرافهم على الجارة كي أكون أجمل عروس زينتها يداها.. ترى كم من عروس بائسة تحملت شقاوة فعلها و بادرتها بابتسامة صفراوية أخفت حقيقة مرة ؟..

أوه لنقل كم من عروس سعيدة بزواجها جملتها الجارة، فالعدد الأول صعب احصاؤه.. أشعر بشيء غريب ليس بأمكاني التعبير عنه .. أرى الفرح يغزو الجميع و يستثناني.. أراه يلمع في العيون و يحاول أن يبكيني.. أصمد و أصمد فليس لافعالي الصبيانية مكان الليلة ..

أشعر بثقل كفني الابيض المترامي الأطراف ..وروده أشعر بوخزات شوكها و رباطه كأنما يخنق خاصري النحيل.. حمل ثقيل ليس بوسعي تحمله حتى تصميم الفستان لم يرق لي أبدا رغم أني من خططت له و انتظرت بفارغ صبري يوم ارتدائه. يا الاهي لا أدري ماذا يحصل .. ترى من يوزع هذه الابتسامات على الحضور ؟ أود لو يعيرني الكثير منها .. ترى من أين أتت رشاقة أهلي للرقص في مراسم دفني ؟أود أيضا لو اني لي مثلها لاتناسى ما حل لي لبرهة من الزمن .. كيف لا يمكن لمن اتخذ الرقص أسلوب حياته الخفية أن يعجز عن تأدية حركات كهذه ؟

اه لا أدري .. اريد وقتا مستقطعا فلنفسي علي حق.. حملت أكوام الحزن و اتجهت من ساحة البيت حيث كان العزوم لأتوجه إلى غرفتي حيث الشباك المطل على مسرح الجريمة.. أرقب ذاك الغريب المتمدد على كنبة العرسان الذي سيصبح بعد مالا يزيد عن سويعة زوجي.. فعلا لا أدري كيف ساتحمل مشقة دعوته زوجي و انا كل ما اتمناه ان يموت قبل أن ينعم بهذه الكلمة اللعينة من عندي.. أتفحص عينيه جيدا ..

تراني أبحث فيهما عن شهادتي الجماعية أم عملي المستقبلي؟ كراسي و كتبي ام دفتري و أقلامي؟ صديقي الذي تسبب هو في قطع علاقتنا ام نفسي ؟ بدون جدوى أبحث إلا أن عينيه كانت مقبرة لأحلامي .. اراهما سوادا .. السواد فقط .. ماذا لو كان المدعوون يهنؤونني بتخرجي عوض زواجي.. ماذا لو أنهم يباركون لي بتقلدي منصبا هاما عوض زواجي .. ماذا لو أنهم يأكلون من وليمة اعدها أهلي بمناسبة شرائي سيارتي الخاصة عوض زواجي .. ماذا و ماذا ..؟ اوه دعني أستفيق من الاوهام.. ليتها كانت حقيقة يا الله .. يا الله فك سجني و ابعدني عن غريب سيصبح ولي قراري ..كانت تلك آخر دعواي قبل أن أسمع صيحة مدوية ارتج لها قلبي المنفطر.. ماذا ؟ مات العروس! .. أه نسيت انه رجل يبلغ من العمر عتيا .. نسيت انه حتى يكبر ابي .. هرعت إلى الساحة الفرح التي انقلبت عزاءا .. اه والله كانت قبل قليل عزائي اما الان فقد أصبح لفستاني الابيض معنى .. لا أستطيع أن أحس بحجم مصيبة الأهل أه والله لا استطيع

..

رحمه الله لكني لا استطيع .. ليس بإمكاني.. فقط أحاول كتم الفرح إلى أجل سميته بالغد

شيماء الرقيق

الغــد