في ليلة ممطرة

عاد للبيت مترنحا ..

تفوح منه رائحة الكحول

التي تطغو عليها رائحة السجائر ...

كان يجلس واضعا رأسه بين راحة يديه .. أتعبه التفكير يشتم الدول و الأمم و قوانينها .. و لكنه لم يشتم الوطن فتلك التي تجلس أمامه تطمئنه كل لحظة أصبحت بالنسبة له وطن .. بعد أن قذفته مياه الغربة إلى شاطئها ..

رفع رأسه بعد أن أحس بها جاثية أمامه .. قربها يشعره بدفئ أمه تلك التي أخذ من ملامحها الكثير ..

كان ينظر لها في عينيها مباشرة و كأنه يحدثها دون أن ينبس بحرف واحد .. فهمت هي ما يريد قوله و ردت عليه مطمئنا .. اقتربت أكثر و لازال الصمت ثالثهما و لغة العيون تثرثر .. أخذت بيده بعد أن همس في أذنه

مستلقية على فرشي في غرفتي في بيتنا في منطقتي في وطني ...!

غرفتي الأولى على اليسار ..

قف هناك على الباب لا تدخلها بدون اذني

عليك ان تطرق على بابها ثلاث ..

عند الاشارة تكون الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .. " بييييييييب "

بلغني صوت المذياع من آخر الرواق ..

الغرفة مظلمة ..

انقطع صوت العربات ..

قبل ان اغط في نومي منعني كائن مزعج .. لقد غيرت اليوم ديكور غرفتي .. و ابعدت سريري عن تلك النافذة التي يصلني منها اصوات عربات النقل التي لا تهدأ أبدا ...

فلم استطع النوم في هذه الزاوية ربما ادمنت صوت العربات ...

الكائن يجلس على مقربة مني و يصدر طنينا مزعجا جدا ... يمنعني من مواصلة اصطياد النوم اللعين ... الذي سيرحمني من أفكاري اللعينة ...

اظن لوهلة ان الكائن الذي يسكنني دائما و يستيقظ في الليل و يجبرني على الكتابة قد تحول بعد ان قتلته الى تلك الحشرة التي تزعجني بصوتها و طنينها ...