هذيان على وقع الحُمى

complexes-enfanceFaiza Ben Chalbi - فائزة بن شلبي

كانت محاكمتي في مدرسة الصِغر و أنا في عمرٍ يتعدى العشرين ..كنتُ فارِعة القامة فاتنة بعض الشيء ،ألبِسُ كعب عالٍ  زيادة عن طُولي مما يخوّل لي أن أرى بعض رفقاء المدرسة أقزامًا مع قوام ممشوق و عينانِ ساحرتانِ خضروان بعض الشيء و مازادني ذلك الوشاح الخمري إلا جمالا على عكس الصغر فقد كنتُ رثة الثياب مع رأس بشعر منكوش،

كنت لا أهتم لنفسي كباقي الاطفال  ،لا أستطيع المشي لثوانٍ دون أن أتعثر بشيء فاهوى أرضا و أنا في عمرِ العاشرة، كان لديّ خجل أكثر منه إعاقة  ...كان رفقاء القسم يكرهونني لسذاجتي و قلة حيلتي  والعلل و العقد التي تسكنني والتي لا علم لهم بسببها حتى  إنهم يجهلون كل شيء عني و مع ذلك يُصرون على إيذائي و على الضغط على أوجاعي ..يعود بي الزمن وألتقي بهم فيكيدون لي كيدا  حتى وانا في هذا العمر على رفضي و قمعي بأبخس الأشياء و أوسخ الأساليب في إيقاعي ..

لقد حُكم عليّ بالعدوِ لثلاث ساعات في ساحة المدرسة هكذا عبثا و كان هذا الحكم صادرا من المربية الفاضلة "س" والتي في نفس الوقت تكون والدةُ تلك الحقودة المريضة "هـ" لقد قامت بزرع بعض السموم في قلب والدتها على معاقبتي و أنا في هذا العمرِ كرها و إنتقاما لأشياء ابتكرتها هي وأبدعت فيها  ..

إنها غبية حتما فهي تغارُ مني لأشياء أنبتها الله فيّ عن غيري والمؤكد أنه كان عادل و عوضها بأشياء أخرى لا أمتلكها أنا .. دام ذلك العدو الذي تحول في ثوانٍ إلى ركض وأنا بفستانٍ أحمر قانٍ  و كعب عالٍ وأنا أركض وأركض  وكأني ألبس حذاءً رياضيا كنت مثل حصانٍ  إنتابه  ذعرٌ فلم يعد يقوى أحدٌ على إيقافه .. لقد إعترضوا طريقي ولم يتركوني  إكمال الركض خوفا منهم على أن أفوز في هذه السخافة   ...لقد نجحوا في ذلك  فزدتُ حنقا و مع كل شهقةٍ من شهقاتِ بكائي كنت ألعنهم جميعا كبيرًا و صغيرًا و خسرتُ  المعركة و خرجتُ من المدرسة ...

حسنا كلُ ذلك كان حلما ولكنه حقيقة فقد أصبتُ بحمى بغيضة و بإرتفاع حرارتي نمتُ ما يقارب عن أربع ساعات دون حركة فلحقوني في منامي  أولئك الذين  يُلوكون ألسنتهم بنهش لحمي ظلما و بهتانا ....اه من هؤلاء لقد جعلوني اموت في اليوم ألف مرة. . .  فها هو لساني قد رُبط إلى حلقي من شدة الألم ...أما عن وجهي فقد خُطف بهاءه وقلبي المذبوح الكسير فقدته للأبد ...

الأحد 12 جوان 2016

فائزة بن شلبي



هذيان على وقع الحُمى