لم أرد يوما أن أنسى
Nour Mansour - نور منصور
كنت أتمنى لو كان بإمكاني أن أظل بضع سويعات أخرى .. كان بودي ذلك .. لكن القوة التي تتملكني بعد الرغبة في الإنتحار لا تتكرر عادة .. بل من الممكن أن لا توجد من بعد ..
لعلك تكرهني الآن .. بل لعلك تحتقر فعلي الجبان .. لكنني إستغللت حماقتي التي كنت تتذمر منها عديد المرات ، وجهت بها ضربة قاضية ، إلى نفسي ..
أشعر بالوحدة ، و لم يبارحني الضعف و البرد حتى بعد موتي .. لكنني لم أندم البتة ..
أيمكن للرمال و الأتربة أن تبتلع حزني كما إبتلعت جسدي ؟
أهنالك شيء أسوء من الموت ؟ نعم .. لا يغير الموت شيئا ، بل نحن من يفعل .. لكنني لم أندم ..
هنالك صوت يغازلني ، لا .. هو ليس بصوتك .. لم أتمكن من رؤيته ، فالظلام هنا ستار سماءنا ..
يحدثني عن الحرب أحيانا .. عن المسدسات و العصابات .. عن التضحية ، و السعادة .. حدثني عن الآلات الموسيقية ، و الأفضل أنه كان يغني لي من وقت لآخر ..
كان ينسيني وحدتي و موتي ..
كان يواصل محادثتي رغم أنني آبيت إجابته و آثرت الإنصات ..
وجوده هو ما كان يجعلني أردد : " لم أندم " ..
لكن وجوده لم ينسيني ..
لم ينسيني ..
لم ينسيني ، موتي .. إنتحاري ..
لم ينسيني .. عينيك ..
لذلك كنت أكره أن أحادثه .. لم أرد أن أنخرط و أغوص بين الكلمات معه ..
لأنني .. لم أرد يوما أن أنسى ..
فهو يشعرني بالحياة ...
لم أكن أغوص بعيدا بفكري عن منعرجات الواقع لم أحلم بأفضل من ما أنا عليه الآن قط ، لكنني أحيانا لا أستطيع أن أمنع نفسي من الزحف نحو إسمك .. لتصبح لكنة اللامبالاة ترتجف بين
شفتي ..تحت اللسان شيء من الكتمان ، شيء من الحرمان .. حب مبتور ربما ، أو قلب إستعصى عليه الهروب إلى الزنزانة المقابلة .. لا لشيء إلا لقتل الحنين .
هل بإستطاعتنا جمع كل ما نحب و زجه في غرفة واحدة ؟
سيكون الإحساس بالضيق حادا هذه المرة ، بيد أن هذا لا يعني أن الأشياء و الممتلكات التي نحبذها عن غيرها ستذوب لتشرب الأرض ذكراها ..
لا الكنبة المريحة ستفقد مكانتها و لا الكتب التي إكتنفتها الورود الحمراء ستنسى حد إستلقاء الغبار على عناوينه التي تشي بكل سر صغير كان يمغث في صدري .. كذلك هي الأشياء الصغيرة التي لطالما إستدرت دموعي خلسة كلما وقع ناظري عليها ..
بلى ، بإمكاننا جمع كل ما تهواه أفئدتنا في غرفة واحدة ، لكن لا يمكننا أن نحتمل تغلغل الحزن عند وقوفنا وسط الأرض نفسها التي شهدت على اليوم الذي إلتقت فيه شفاهنا في قبلة مظطرمة إعتلجت بالرغبة ..
بقلم نور منصور
Website Design Brisbane