في شوارع المدينة ..
Houyem Mannai - هيام المناعي
أهيم في شوارع المدينة مستحضرة أشلاء صور من ذاكرة تأبى إسقاط ما ظل عالقا بها من ذكريات تسكر العقل و تهيج نوعا من الهستيريا التي أكون غالبا في غنى عنها.
هائمة في شوارع المدينة، وحيدة، أذكر لحظات كنا بها رفاق ، كان لي بها رفيقا لثورتي، كان لي بها حبيبا ملهبا لنشوتي، لحظات كان لي بها وطن لهويتي .
هائمة في شوارع المدينة تتالى خيباتي، يغيب أملي بالغد الأفضل و شعارات بح صوتي هتافها، يخيب إعتقادي بالشعب الذي سيصير يوما سعيد، يخيب ظني بوطن لبيت نداءه لكنه عرف مقامه فتدلل.. يخيب ظني بنظالات قطعت لأجلها الرقاب، سالت الدماء و كانت للباقين عقاب.
يخيب ظني بك أيضا بعد أن كنت في عالمي ثورتي، فتشهد الشوارع إنهزامي و ضعف قوتي، تسخر من هوسي بقصص الثورات و الإنتصارات رغم خيبة الظن هذه .
أتراني أظهر لا مبالاتي بكل ما يدور حولي ؟؟ أتراني أهذي وو صار همي وهما و صرت أنا من بين من زادوا القاع آزدحاما !..
تسخر الشوارع من أملي القديم و تفاؤلي الزائد مؤكدة أن ألمي كان نتيجة أملي و أن صدماتي و آلامي نتيجة لصبري و إيماني باليوم الموعود و إخلاصي لعدم الحياد و الوعود..
تراني ألهث محاولة جمع أشلاء صوري الدرامية لأكون من جديد صورتي الصامدة القوية حتى لا تضيع نرجسيتي ،حتى تنسب لي من جديد هويتي و حتى لا تضيع ياء النسبية المتصلة بوطني .
تراني في منتصف الطريق أعاني وساخة أيادي من تخلو عن القضية، تراني أعاني ظمئي للحب و الحرية و أحلامي النرجسية...
يقتلني جوع ملأ صفوف وطني و ما يزيد ألمي و ينخر قواي! جهل شعبي و أيمانهم أن الحرية هدية، كما يقتلني الإستهزاء و الإستخفاف بالقضية.
يقتلني هذا الأمل الدفين، تقتلني أحلام دفنتها خوفا من قبح و بشاعة الواقع ...
- كيف لكلمات شن الرصاص !!
- كيف لك بناء وطن !!...
.. تتضارب الكلمات وتتسارع الأفكار، تغتال بعض الأحلام معلنة حداد عالمي الخيالي الذي أبنيه خطوة خطوة في شوارع المدينة .
" طريق الحرية طويل، فعلى أصحاب النفوس الضعيفة التنحي .." ..
ربما هي كلمات تعزز وجودي و تكون الرابط الوحيد في كفاحي لإثبات وجودي ... ربما هي الدافع الوحيد لجمع ما بقى بي من قوة و مواصلة سيري في طريق ثورتي و حريتي، علها كلمات تربطني بحياة أحب كل ما بها من تفاصيل نظال لإثبات الوجود.. أحببت إلحادي بوجود القيود و الرذوخ للإمتثال بأسس فلسفية خانقة : أسس عيش مللناه ... أحببت شذوذي و ميولي الفكري، عشقي لماركس و لينين ... و إخلاصي لحب ، هو في العالم ثورتي...
فثورتي قد علمتني الصمود، و كيف في اللحب وحده يكون السجود ... في طريقي أسقط أحلاما أكلها صدأ الواقع و أبني أخرى متحررة من بشاعته، في شوارع المدينة ، ورغم بشاعة واقعي، رغم طول طريقي و عفن شوارعي ..أرى أنه لازال بإمكاني أن أحلم بغدي.. أن أبني غدي ، بإمكاني أن أشن ثورتي و أخلص لقضيتي...
حتى أصل إلى وجهتي، فيلهبني تفائلي بالغد الجديد.. أنه مازال في الدرب درب و مازال في الدرب متسع للرحيل، أن بإمكان الإنسان أن يحلم، ولو بالقليل، أنه لا حدود لوجهتي، لا حدود لأحلامي، كما في كفاحي و إخلاصي للحب و القضية ..
بقلم
هيام المناعي
Website Design Brisbane