زَيِّن الباب

trains-romanHajer Zouaidi - هاجر زوايدي

شعرت بأنني في حاجة كي أتمشى قليلا..كانت تجتاحني  رغبة كبيرة في ذلك.. نزلت من القطار و انا ألعن حالة الفوضى .. داعبتني نسمة خفيفة بعد حالة الاختناق التي أصابتني فنجحت في جعلي ابتسم و لو قليلا.. رفعت عيناي الى السماء ..

ناجيتها..

خاطبتها..ثم واصلت طريقي. . كان الكل مسرعا ..جميعهم كانوا يهرولون بعد يوم بليد طويل..يوم كسابق غيره من الأيام..

ثلاثة من الموظفين في بدلاتهم السوداء الكلاسيكية الحقيرة.. ثياب العمل.. كانو مُكبلين في نظري.. اشفقت عليهم .. و اشفقت على نفسي.. ثم مضيت..

ها هي الكتب مرمية هناك على قارعة الطريق في بلادي.. توقفت قليلا ألقيت نضرة على بعض العناوين,  لا شيء يُلفت انتباهي هنا,  واصلت طريقي,  حادثت نفسي و انا في اتجاهي  إلى محطة الحافلات" برشلونة" هناك أين يجتمع الجميع النساء الكادحات، التلاميذ ،الطلبة و السكارى و حتىالمجانين أيضا. . و المفاجأة الرائعة تكمن في أننا  سَنُحشر جميعنا  في حافلة واحدة .. "حمص و زبيب".. تكاد الحافلة تغصّ بالراكبين..أضنّ أن هذا يكفي..المكان لم يعد يتسع إلى آدمي آخر.. لا بُدّ أن السائق أيضا لن يتأخر أكثر فقد أنهى علبة السجائر خاصته  و ترشّف كوب القهوة و لا بُدّ أنه  ملّ من الثرثرة الغير مجدية مع زملائه..

امرأة ضخمة الحجم  تتشبث في الباب و تطمع بالانضمام إلينا في هذه الرحلة السعيدة.. لا شك في أنها تحلم أو تمزح مثلا فليس هناك تفسير منطقي لما هي بصدد القيام به, لكنها كانت مُصرة على قرارها المُتخلف ..و بينما نحن نختنق في الداخل .. نجحت هي أخيرا  في الصعود  و بدت فخورة بالإنجاز الذي حققته  و غير مبالية بالكهل هزيل البنية الذي سحقته بأردافها ..فجأة علا صوت الصافرة مندمجا بصوت مُحرّك الحافلة  تليهما تلك الجملة الشهيرة التي لطالما انتظرتها

" زَيِّن الباب!  "

مُعلنين عن انطلاق الرحلة أو بالأحرى عن بداية نهاية هذه المهزلة.

هاجر زوايدي

زَيِّن الباب