تاقلم ليس الا

pensees-seuleRym Chaabani - ريم شعباني

سيبقى الجميع اصدقائك او عابري سبيل لا يرتقون الي صفة اعداء و لا يحرك احدهم فيك احساس الكره او الحقد

الى ان تصادف من لا يميز بين ان واقع الابداع في تاليف احداث لاغراء القراء و دور النشر و منتجي الافلام و المسلسلات و جمع المال و تحقيق   الشهرة و لو افتراضيا او وقتيا ؛ امر ، و ان تلفيق الاكاذيب الواحدة تلو الاخرى و الصاقها بحياة الناس مهنية كانت ام شخصية ، خاطئة من وجهة نظر ما او سوية ، بصفة مرضية و هستيرية تتفشى لتصبح خبز البعض اليومي ؛ ماهو الا انعكاس لخلل ما .

من نفس هذا المنطلق ستعاديهم و انت منهم . قد لا تشببهم و لكنك تبقى منهم.شاهدت امرا ينذر بكل هذا و تغاضيت . تعرضت لنفس الامور يوما ما و صفحت باسم المبادئ الكبرى و ما جمعكم حولها . لم تبد تعاطفا ولا رأيا لمن اشتكى يوما بتعلة الترفع عن كل هذا و ذاك.

ستحاكمهم و تبدا في التصنيف و توزيع الاوصاف و التهم و الذنوب و انت تغض البصر تماما عن الاصل في كل شيئ ، الاصل في انهم بيادق و ضحايا عاطفة ما  تسللت من بين العادات السيئة التي ادمنوها  و انت تدعي للمرة الالف الترفع و عدم المعاملة بالمثل  و التكتم و احترام خصوصيات من لم يحترمك ، فلا تقول كل شيئ كاملا كما يجب ان يقال و لا تصمت لتدع الامور تدفن مجددا فيك و فيهم و في الجميع .

سيعترضك اطفال ذوي ضجيج مزعج و غضب اناني مستفز و لن تكون مضطرا هذه المرة لتفهم عنادهم الغبي و اصرارهم على الوصول لهدف ما بل على العكس تماما ستصر انت كذلك على افهامهم ان هذا غير ممكن و لن تخشى نوبات بكاءهم و ركلاتهم الضعيفة التي لا تحرك فيك ساكنا.. سيطربك بكاءهم و كانه سمفونية انتصار مايجب ان يكون على ما كان سيكون وفقا لاهواء طائشة لا منطق لها.

من الجميل ان تمر دون ان تضطر ان تجامل المسؤولين عنهم و لا ان تداعبهم مداعبة كاذبة ، و ان تكتفي فقط في اعطاء درس صغير للمسؤول و المسؤول عنه ..للفاعل و المفعول به. قد لا يجدي ذلك نفعا و لكنك في نهاية الامر تفعل ما تراه واجبا و تمر دون ان تلتفت خلفك..تمر...

ستحب المرة الاولى و تدرك انها ليست الا عملية سد فراغ ما و ستفشل

ستحب المرة الثانية  لتكتشف اخيرا انك لا تعلم الفرق بين الصداقة و الحب و تختار الصداقة طبعا  و في المرة الثالثة ستكون الصداقة حاجزا في ان تحاول انجاح محاولة الحب و في المرة الرابعة ستقول انك لست في حاجة الى الحب و في المرة الخامسة ستتراجع و تقول احبك ايضا  لاول شخص يبدي التفهم و الاعتناء و يعترف لك بحبه و من ثم يبدا الاحساس بالذنب و التردد و النقصان و عدم اكتمال المعنى لما تريد فعلا لقصة حبك ان تكون و سيتنهي طريق  الاحساس بالحاجة الى هذه القصة بانسداد الافق حينها ستقول انك تريد فقط حماية الاخرين منك و من مزاجيتك و تقلبات افكارك و قراراتك و تقوم بكل الطقوس اللازمة لبداية مشوار الوحدة و  تحقيق التوازن العاطفي بدون اي تدخل او مشاركة و في هذه المرحلة تماما سيعترض سبيلك من يجعلك تتناقض و تتغير و تدخل في فوضى عارمة مخيفة و غامضة و لكنها استثنائية و خاصة . ستدعي حب الاطلاع فقط و بعد ذلك ستكون التجربة حجتك و بعدها الفرصة و بعدها ستتعلم كيف ان حروف كلمة احبك لا تنطق الا بعد ان تنحت في تفاصيل تفاصيلك كالوشم بآلامه و عمقه و جماله...

حينها ستتحول من لا مبال الى غيور  ومن لا مسؤول الى مسؤول و من كسول الى نشيط و من ساذج الى فطن و من غبي الى ذكي و من مسالم الى مقاتل

ستتعود على ان تنتبه للساعة و الى تاريخ كل يوم و سيصبح للانهج و الاشجار و سيارات الاجرة و باعة السجائر و مقاعد المقاهي و طاولاتها حكايا و معان كثيرة لديك .

وهذا كله لن يمنع حقيقة انك ستتحول بفعل بعض الاشياء و الاشخاص و الاحداث  او كلهم مجتمعين  ؛ بفعلهم  او بفضلهم لست اجدني قادرة على التشخيص السليم حقا ،ستتحول  تدريجيا  من انساني جدا الى منطقي  جدا جدا يوم تنفذ لديك طاقة الاستيعاب و التحمل و التضحية و الاستماع و النصح و الارشاد و الصفح و التبريرات و الاعذار و العفو و المغفرة و النسيان و العطاء و التغاضي و التجاهل و التفهم

سياتي اليوم الذي تفعل فيه عكس ما تقول و ستبرر كالآخرين ذلك لنفسك

ستريد ظروفا رايتها غير مهمة في فترة ما و قللت من قيمتها و دورها في حياتك  و ستفضلها على ما اعتبرته يوما مقدسا لا تراجع عنه .

سياتي وقت تحاول ايضا كتابة اشياء مشابهة لهذه و ستردد و تخاف من ان تتسب الربوة التي تجلس بها في زلزال .ثم تعدل و تختار دور الذي يسمع و يرى و يسجل و لا يتكلم . لكن فضولك في نهاية الامر سيمنعك ، ستتشوق لرؤيتهم يوظفون هذا ايضا و ان تعلم انهم سيدعون عكس ماحاولت ايصاله او سيتنصل البعض، رغم انهم يدركون انهم هم فقط المعنيون . سيتجاهلون و قد ياتي بعض المتطفلين اصحاب الوقاحة اللامتناهية الملتحفة بمحاولات الاطمئنان و المساعدة الكاذبة و ستقول ساخرا : " اي تشابه في الاوصاف و التوصيف لا يمت للواقع بصلة " سيصرون قليلا ثم يعودون لشتمك سرا ..

ستتغير انت ايضا و ستخون نفسك ، غيرك ، فكرك بطريقة ما ، و هذا لا يعني انها جريمة او ذنب لكنه فقط يعني انك تتاقلم .

ريم شعباني
تاقلم ليس الا