بياض ورقتي

confessions-lettreRym Mosbehi - ريم مصباحي

أمسكتُ قلمي لأكتبَ خواطرَ تتخفف عنّي مأساتي , لكنني أعجزُ عن الكتابة الّتي طالما كانت متنفّسي ..

يأبى القلم أن يتحرّك فوق الفراغِ الأبيضِ .. إنّه يعلن حداده على بياض ورقتي ..

إنّ قلمي يعلن تمرّده بوجهي , يواصل آتّهامي .. أتركه و أرحل , فلا أحد يتحدّاني , أهرع لعلبة أقلامي ..

تلك التي ألوّن بها أيّامي و أحلامي .. غير أنّها هربت هي الأخرى.. هربت وتسابقت في تركي ولم يبقى لي غير الأسود ..

وقف في وجه بياض ورقتي منسكبا عليها ببرود و أعلن بشكل رسميّ إضرابًا عاماً عن الكتابة .. لم تكن الوحيد الذي خذلني ..

فكما ترَ الكلّ يتفنّنُ في خذلاني .. هذا المساء تلحّفتُ بذكرى إحباطٍ و ألم، لقاء يليه فراقْ ، لكنّي كنتُ قويّةً.. أتدري؟؟ أطفأتُ حريق لهفتي، و سكنتُ شمسًا دون أن أحترقْ،وصنعتُ من ألمي أملًا أضاء بصيرتي .. لكنّه آنطفأ مع هروبك وعاد يكتنفني الظّلام ..

أتذكّرُ صباحًا أفقت فيه على صوتِ أمي الحاني : ألم يحن الوقتُ بعد لتفيقي من أوهامكِ؟ لم أستوعب ما قالت أو لعلّي لم أقوَعلى الآستيعاب، ثمّ فهمتْ .. فهمتُ أنّك تجاوزت سور قلبي و أنّ مملكتيَ السّحرِيّة لن تشهد لقائنا المنتظرْ ..

شيء ما يدفعني إلى الجنون لعلّي أُدرِكُ عقلي فيه !! لأتعثّر فيك لعلّي أجمعُ بك شتات نفسي .. وكم أحتاجك لأقيم مراسم جنوني .. لكن بردك يلسعُني .. و يقشعِرُّ بدني.. و يشعرني الجو بالغثيان !!

أنفردُ بصورك و أنتَ هنا تقبع عند حافةِ جنوني،و إحساسي إليكَ يمتدّ حينًا ، فآرفق بي سيّدي من جنوني و ظنوني .. فآرفق بي يا سيّدي .. كنت قريبًا جدّا .. كنت تصنعُ من فوضايَ حلمًا جميلاً، كنت قريبًا كنسمة،كذكرى ...

و كنت أنا بعيدة عنك كفيضِ أمنياتٍ أستلقي ككلّ مساء على فراشي،أسرحُ في تلك الحكايات التي تروي بطولاتك.. أتذكر تفاصيل وجهك .. ضحكاتك وحتّى لحظاتِ غضبك .. لكنّي أفقتُ أخيرًا من حلمي .. وهرولتُ لحضنِ أمّي .. لتدُسّ بين مسامعي خبرك.. ولم يعد العالم يسعُني !! كيف؟؟ متى؟؟ أين؟؟ ولماذا؟؟؟!!

لم أسأل ولن أسأل فلا شيء يشابه ما كان عليهِ قبل غيابك و الزمن تخلّى عنّي .. قدّم آستقالته و أعلن آنسحابه من ساحتي .. خذلني هوَ الآخر .. ولن أعوّل على الزمنِ لنسيانكْ ..

#رمروميّات_النّسيان

بقلم ريم مصباحي

بياض ورقتي