المرض كافر

ouled-hmed-poeteSahar Ben Abdallah - سحر بنعبدالله

لم أحب الشعر يوما لطالما شعرت بأنها مجرد كلمات  على القافية لا معنى لها.

أو بالأحرى فشلت في فك رموز معانيها فصرت أمقتها.

فلست أنا بذلك الحد من الذكاء.

في حين بغضت القصائد و الشعراء

كنت مولعة بالكُتَّاب

شغوفه بالروايات و الخواطر

إلا أن سمعته

إلا أن سمعته يلقي  قصيدته

نحب البلاد

كما لا يحب البلاد أحد

صباحا مساءا

و قبل الصباح
و بعد المساء و يوم الأحد

إنبهرت جدا بأسلوبه المحبب المتواضع في جعل المستمع جزءا لا يتجزأ من قصيدته

و أحببت بأني بت لأول مرة أفقه بعض الشعر.

إلتمست مدى حبه للأداب و للفن حتى أنه سمى إبنته "كلمات"

ثم علمنا جميعا بخبر مرضه و صراعه الطويل مع السرطان

تمنيت جدا أن ينتصر في حربه مع المرض اللعين  فلطالما كرهت المرض

لطالما إعتبرته عدوا شرسا فتكا لا يرحم

كرهت أن نفس المرض فتك بجدتي و لاشك في أنه فتك أيضا ببعض أحبتكم

إزددت نقمتي على المرض و الامراض و على كفره الذي لا حل له  

كنت ادون كلماتي هذه مستمعه لأغنية زياد الرحباني  

" أنل مش كافر بس الجوع كافر  أنا مش  كافر بس المرض كافر

أنا مش كافر  بس  الفقر  و الذل كافر"

و لأول مرة لم أقرأ كلماتك بعيني بل كنت أقرأها بكل ما أوتيت من مشاعر و أحاسيس  "أخوض حربا مع مرض أمّي لا يحسن القراءة ولا الكتابة "

"أيها الرب   ايها الطب لا تتركاني وحيدا مع الذئب"

"أودّعُ السابقَ و اللاحق

أودّع السافل و الشاهق

أودّع الأسباب و النتائج

أودّع الطرق و المناهج

أودّع الأيائل و اليرقات

أودّع الأجنّة و الأفراد والجماعات

أودّع البلدان و الأوطان

أودّع الأديان .

.....

أودّع أقلامي و ساعاتي

أودّع كتبي و كراساتي

أودّع الصغائر و الكبائر

أودّع السجائر

أودّع الأغلال و القيود

أودّع الجنود و الحدود

....

أودّع المنديل الذي يودّع..

المناديل التي تودّع ..

الدموع التي تودّعني

أودّع.. الوداع."

وداعا الصغير أولا د أحمد

إخترت أخيرا أن ترقد في سلام

لم تكن كافرا بنسبة لي كما وصفوك

بل كنت و خلقت لتكون شاعرا

لست انت الكافر

إنما المرض

هو الكافر

كافر لقدرته على قتل كل ماهو جميل فينا

كافر لقدرته على تغيير ملامحنا

كافر لقدرته على تشويهنا جسديا و نفسيا

إنه كافر حد الثماله

سحر بنعبدالله
المرض كافر