Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
القبلة الأخيرة
Ghada Ben Salah - غادة بن صالح
إذا راجعت نفسي
وجدت أنها وردة نقية صافية السريرة
وأنها كالكنز المفقود وسط غابة أو جزيرة
إذا راجعت نفسي
وجدت أنني كهوة الثعابين
ليس فيها سوى الموت سوى الخطر سوى الأنين
وأنني لست سوى غلطتها الأولى
وأنها ليست سوى خطيئتي الأخيرة
................................
لقد كنت دون جوان عصري
وكانت هي في حبي عاملة أجيرة
أغدقت عليها فتات حب
أضنته شفاه الفتيات ورقة الخطوات
وألبسته كم النزوات
غبارا كالحا مريرا
وقبلت مني هباتي الهزيلة
بتلك الروح صافية السريرة
لم تغرها عطاياي
لم تهتم إذا كسيتها قلائد الزمرد ومخملا وحريرا
كانت تريد قلبي وليس شيئا كثيرا
غير أن غروري كان كبيرا
قلت: صغيرتي لست ندا لي
فأنت من ضمن النجوم وأنا بدر في السماء منيرا
وأنت ورقة في كتاب غزواتي
وأنت عبده للحب الذي جعلته لي خادما وأسيرا
................
قالت بابتسامتها الحلوة المثيرة :
إن البدر لا يظل ساطعا في السماء
في حين أن النجوم تبقى منيرة
وإن كنت ضحكت أولا فثق بأنني الضاحكة الأخيرة
اذهب.. ارحل.. اعشق..
تمرغ بين الأحضان الرغيدة..
تمتع بعشيقاتك في الجزر البعيدة..
أستلم عرشك.. وكن حكاية الناس القديمة والجديدة..
وكبل عبدك الحب الفولاذ والحديد
ثم أنظر إن وجدت حولك رعاياك
إن بقيت النساء وفية لذكراك
إن لم تخجل الكلاب من مرآك
إنك يا حبيبي تتبجح بالخيانة
ونسيت أن الحب تدمره الخيانة
وأن العشق ليس قبلا.. ليس عناقا
ليس ضحكات في حانة
وأن الحبيبة ليست مجرد عطر مثير
أو جسد ملقى على سرير
توقع عليه فتوحاتك الأخيرة
وأن عشقك هذا مر بطعم العلقم والمهانة
وما من إنسان يحتمل المهانة
لقد كنت تود أن تكون إلها جديدا
تتشدق بوسامة وجهك.. برشاقة قوامك
مختالا سعيدا
تنتقل من صاحبة هذا.. إلى زوجة ذاك
وتنصب شباكك حول ضحايا لا تستطيع الحراك
فتيات عذارى صبايا بنات
تهيم عشقا لمجرد مرآك
إلى أن إلتقيتني فتحركت نزعتك الشهوانية
أردت إمتلاكي ورفع علم فتوحات الحب الهمجية
نسيت أنه كما تدين تدان
وأنك في النهاية لست سوى إنسان
وأن مقدرتك ليست مقدرة خالق فنان
وأنك لن تخرس في صوت الحرية
حبيبي..
أنت تظن أنني سهلة المنال
وأن الوصول إليك حلم محال
وتظن أن حبي
سيجعلني أبيع كل ما هو رخيص وغال
غير أنك نسيت
أنني لست قطة من قطط الليل في سريرك
لست أتانا في حظيرة حميرك
وبأنني لست من هواة الندب على الأطلال
وبأنني امرأة نذرت نفسها
لحب رجل ليس ككل الرجال
لذا أقولها لك بعيون دامعة وقلب سقيم
بالصوت الذي كان يغني لك,
ذاك الصوت الرخيم
ستعيش بعد فراقي في جحيم
لن تعرف طعما للراحة أو طريقا للنعيم
تعذب الآن كما عذبت
ستذل بعد أن أذللت
ستبكي بعد أن أبكيت
وسأنساك......
سأتركك يا حبيبي إلى الأبد
ثق بأنه لن يعذبني الحزن أو يقهرني الوجد
أبدا لن احزن كثيرا
ولو بكت سماء عيوني مطرا غزيرا
ولو تحول ازدهار أرضي براكين وسعيرا
ولو تحولت أغنياتي نواحا وعويلا
لن أذبح عنقي بسكين الشوق
و من أجل إرضائك أعلق نفسي على صليب البغاء
في النهاية سأناضل من أجل البقاء
وسأنساك.......
وثق بأن حياتي ستكون سيمفونية تموج بألحان الهناء
مع حب يرفعني عنان السماء
مع حب يسقيني إكسير الحياة
دون عذاب دون ألم دون شقاء
دون دموع دون بكاء
فإليك الآن قبلتي الأخيرة
من عاشقتك البلهاء الصغيرة
تلك التي صيرت حبها لك خطيئة وجريرة
تلك التي جعلتها لك مطية وحصيرة
ونبعا جافا وبلدة فقيرة..
فوداعا حبيبي وليس إلى اللقاء
حكايتنا الآن بلغت حد الانتهاء
ولا تأمل أن أعود
إن من انتهى ليس له وجود
ومن انمحى ليس له ابتداء
....................
كانت هذه آخر الكلمات
تركتني و اختفت وسط الظلمات
ولم أنادها لأنني آثرت مملكة الأجساد
الأثداء والحلمات
لقد كان حلما مزعجا وقد مات
............................
وعدت دون جوان.. أملأ حياتي بالنساء
بعناوين.. بأسماء
غير أنني لست أدري ما أصاب النساء
لم لم أعد معبود بنات حواء؟
فهذه تعايرني وتقول:
اذهب.. ورمم ما تهدم من البناء
وأخرى تسخر مني وتقول:
وهل يطال الطين الحناء؟
وثالثة تشيح برأسها بأنفة وكبرياء
ورابعة تتحداني وتقول:
لم أكون لك وحدك؟؟
لم لا أكون أيضا لمهدي وحسن وعلاء؟؟
وخامسة تضحك وتقول:
وهل يطال أحد الحور ذوات البهاء؟؟
حينها أفقت وراجعت نفسي..
...............................
وأدركت أنني بفقدانها فقدت الروح والهناء
وأني كنت أعشق الأجساد
غير أن مآل الأجساد الفناء
وأن الشباب لا يعود
ولا يظل إلا للحب البقاء
وأن الحب شباب دائم
لا بدء له ولا انتهاء
لقد انتهت أيام المجد
وحلت أيام البكاء
لقد ولت أيام الربيع
وتركتني في قلب الشتاء
بلا روح بلا قلب بلا غطاء
بلا نفس تشاركني السراء والضراء
لقد صدقت حين قالت إن من انتهى
لن يعود له من ابتداء
أفلت الليلي الحمراء
وانتهى عاشق النساء
لم يعد سوى ركام من حنين من ندم
وعبارات رثاء
انتهت الحكاية..
وأصبحت الحياة غابة جرداء
وأصبحت النفس حربا ضروسا
أمر من حرب داحس والغبراء
فإلى أين المآل؟
وقد مات الجواب بموت السؤال؟؟
وكيف العودة إلى ما كان؟؟
والروح تذبحها ذكرى فقدان كل الآمال؟
................................
فعلا صدقت حبيبتي..
لست خالقا لست إلها..
أنا مجرد إنسان
لن أعبد كما تعبد آلهة الشرق وملوك الجان
أو أقدس كبقر الهند أو أكون تاج العالم والصولجان
ليس العشق الذي اتخذته دينا يغنيني عن كل الأديان
سوى شهوات مريضة ونزوات حيوان..
لقد راجعت نفسي
لكن بعد فوات الأوان
لم يعد المنع أو الرجوع أو التكفير في الإمكان
فتحمل يا حفيد الشيطان
ما جرته عليك نفسك الأنانية من جحود ونكران
علك تكون عبرة في كتب التاريخ
وحكاية من حكايات الزمان...
بقلم غادة بن صالح
Website Design Brisbane
Tags: