الحب هو المنفى الأخير #3
رغم كل الأحاسيس و الهواجس التي لا تنفك تغتصب فكره و تصيبه بالأرق و الموت البطيء، و رغم قساوة مجرد التفكير في أن الوحيدة التي أحبها منذ أن قدم باكيا لهذا العالم الكئيب تنام في أحضان غيره، و رغم كل الدموع التي كانت تعانق فراشه كل ليلة مخالفة كل القواعد التي تربى عليها و قولة "الراجل ما يبكيش"، رغم كل ذلك، كان يملك شيئا من اليقين في أنه سيتجاوزها و يتجاوز التفكير فيها بعد زواجها .. على الأقل هكذا كان يظن ..
مرت الأيام و الأسابيع و الأشهر و السنين و هاهو يدخل في علاقة جديدة، بعد أن قطع ذلك النوع من العلاقات، و كان يبحث عن ليلى في كل البنات اللاتي عرفهن، هاهو يقدم على هذه الخطوة و لكن الآن أكثر حذرا و حيطة - و إن في حذره شيء في كل البشر، نحن نرى العالم حسب تجربتنا و طول أحزاننا و فرحنا، خوفنا و شجاعتنا، فإن وضعت أمامك لوحة فنية، فلن تراها كما يراها الغني و الفقير، و لن تراها كغليظ القلب و لا اللين،
مرت الأيام و الأسابيع و الأشهر و السنين و هاهو يدخل في علاقة جديدة، بعد أن قطع ذلك النوع من العلاقات، و كان يبحث عن ليلى في كل البنات اللاتي عرفهن، هاهو يقدم على هذه الخطوة و لكن الآن أكثر حذرا و حيطة - و إن في حذره شيء في كل البشر، نحن نرى العالم حسب تجربتنا و طول أحزاننا و فرحنا، خوفنا و شجاعتنا، فإن وضعت أمامك لوحة فنية، فلن تراها كما يراها الغني و الفقير، و لن تراها كغليظ القلب و لا اللين،
ستراها أنت كما أنت، بكل الصدمات و المخاوف التي واجهتها، بكل الإنتصارات و الهزائم التي غنمتها، و في ذلك لشيء مفرح أن تعلم أنك فريد من نوعك في عالم يريد الجميع فيه أن يصبحوا متشابهين- و بعد أن طال به التفكير في ليلى، بدء زيد يشعر بأن رحلة النسيان قد بدأت مع بدء هذه العلاقة، فلم يعد يكتب يوميا كسابق عهده، و لم يعد يبحث عن شبيهاتها في كل النساء رغم أن الوجع لا زال ينخر فيه، كان زيد قد إقتنع بضرورة النسيان و لو كان بالوجع و الفراق الأبدي .. أتذكر يوم أخبرها عن الوجع و قال:
"قبل أن أعرفكِ لطالما أنكرت وجود المسمى بالحب .. وكانت النساء مجرد جسدا يشبع نزواتي الحيوانية .. علني كنت ذكيا حينها، أو ساذجا، لا أعلم .. و قد قال صديقي القديم أن الوجع نوعان، وجع يحيي و وجع يميت أما صديقي الجديد فيقول لي أن الوجع جيد لا محالة .. و إن كان الأول زير نساء فالثاني زير وجع .. أما أنا فزير نساء و وجع و زير ذكراكِ و زير ما بقي لي على أوراقي .. و معكِ ترددت كثيرا في عشقي و أفسدت روحكِ بغباءي و أخطأت كثيرا سيدتي و من أكبر أخطائي .. أنني في كل علاقاتي استعملت الواقي كي لا تحبل مني امرأة و لكن معكِ أنتِ انجرفت و نسيت .. فحبلت روحي منكِ حبا و عشقا ...."
أفاقه من ذكرياته صوت شرطي يطلب منه جواز سفره و بطاقة الطائرة، و عندما تجاوز ممر التفتيش جلس على كرسي وسط المطار الذي يعج بالمسافرين، بمن يلعن تراب هذا الوطن مغادرا إياه، و بمن إحترق صدره من مرارة الغربة فينزل مقبِّلا نفس التراب الذي لُعِن منذ قليل ... و زَيْد وسط كل ذلك متجها ليكمل دراسته في كندا، و قد اصطحبته حبيبته مياسين إلى المطار، و ها قد حان موعد الركوب في الطائرة، عانقها و قبلها مودعا لها و لوطنه و أيام طفولته، منزله و غرفته الصغيرة التي لم يخرج منها دخان سجائره بعد، و ذهب. أراد الذهاب لشراء آخر سجارة قبل مغادرته، و عندما استدار، اصطدم بسيدة، لها رائحة لم تغب يوما و منذ وقت طويل عن أنفه، بشعرها الأسود المنساب على وجهها الصغير، خاطبته بصوت قد قتله غيابه عنه و كان مستعدا لفعل أي شيء لسماعه طوال السنتين الفارطتين مبادرة:" عذرا سيدي، لم أقصد..." و بدون أي إنتظار و قبل أن ترفع رأسها لتراه، قال بصوت يحمل مزيجا من الحزن لفراقها و الفرح لرؤياها، و فيه ما يكفي من النبرات التي يستطيع أي كان أن يستصيغ حجم الألم من خلاله قائلا:"ليلى ؟؟.."
"قبل أن أعرفكِ لطالما أنكرت وجود المسمى بالحب .. وكانت النساء مجرد جسدا يشبع نزواتي الحيوانية .. علني كنت ذكيا حينها، أو ساذجا، لا أعلم .. و قد قال صديقي القديم أن الوجع نوعان، وجع يحيي و وجع يميت أما صديقي الجديد فيقول لي أن الوجع جيد لا محالة .. و إن كان الأول زير نساء فالثاني زير وجع .. أما أنا فزير نساء و وجع و زير ذكراكِ و زير ما بقي لي على أوراقي .. و معكِ ترددت كثيرا في عشقي و أفسدت روحكِ بغباءي و أخطأت كثيرا سيدتي و من أكبر أخطائي .. أنني في كل علاقاتي استعملت الواقي كي لا تحبل مني امرأة و لكن معكِ أنتِ انجرفت و نسيت .. فحبلت روحي منكِ حبا و عشقا ...."
أفاقه من ذكرياته صوت شرطي يطلب منه جواز سفره و بطاقة الطائرة، و عندما تجاوز ممر التفتيش جلس على كرسي وسط المطار الذي يعج بالمسافرين، بمن يلعن تراب هذا الوطن مغادرا إياه، و بمن إحترق صدره من مرارة الغربة فينزل مقبِّلا نفس التراب الذي لُعِن منذ قليل ... و زَيْد وسط كل ذلك متجها ليكمل دراسته في كندا، و قد اصطحبته حبيبته مياسين إلى المطار، و ها قد حان موعد الركوب في الطائرة، عانقها و قبلها مودعا لها و لوطنه و أيام طفولته، منزله و غرفته الصغيرة التي لم يخرج منها دخان سجائره بعد، و ذهب. أراد الذهاب لشراء آخر سجارة قبل مغادرته، و عندما استدار، اصطدم بسيدة، لها رائحة لم تغب يوما و منذ وقت طويل عن أنفه، بشعرها الأسود المنساب على وجهها الصغير، خاطبته بصوت قد قتله غيابه عنه و كان مستعدا لفعل أي شيء لسماعه طوال السنتين الفارطتين مبادرة:" عذرا سيدي، لم أقصد..." و بدون أي إنتظار و قبل أن ترفع رأسها لتراه، قال بصوت يحمل مزيجا من الحزن لفراقها و الفرح لرؤياها، و فيه ما يكفي من النبرات التي يستطيع أي كان أن يستصيغ حجم الألم من خلاله قائلا:"ليلى ؟؟.."
يتبع ...
مجدي حمدي
Website Design Brisbane