الحب هو المنفى الأخير #1
Majdi Hamdi - مجدي حمدي
- ماجت المشاعر غيبا .. و أنتي لا تعلمين .. و ضاع القلب في زقاق عشقك التياه .. راغبا في نظرة من عينيك .. و بسمة من تلك الشفاه .. ليس لي من أسرك غير الكفاح .. كفاح كاذب وسط الموج العارم .. أشتاق إلى كل ما فيك ..
عندما سمعت هذه الكلمات، انتابتها صدمة، لم تعلم يوما أنه يحبها خصوصا أنها لم تلاحظ حتى بوادر الإعجاب بها من طرفه، كانت قد انسابت وراء هذه الكلمات، و لكن سرعان ما أفاقت و تذكرت أنه لم يتبقى على زواجها غير بضعة أيام، فقالت بصوت فيه ما يكفي من النبرات التي تفضح كذبها:
- و لكن .. همم، لا يمكن لنا أن نكمل، سأتزوج قريبا، و ليس من عاداتنا أن تتحدث المرأة إلى غير زوجها، أو أن تحب غيره، حقا أنت لا تتعدى كونك صديق، أو أخ أنجبته لي الأيام، أحتميت بك في الشدائد و لطالما وجدتك، و أنا حقا شاكرة لك، تمنيت أن لا تكون هذه نهايتنا و لكن الأقدار يا صديقي، و عاداتنا أيضا ..
مرت عليه تلك اللحظات كالدهر، و تمنى أن تنشق الأرض و تبتلعه أو تأتي رياح فتعصف به من أمامها، رغم أنه كان يعرف الإجابة حتى قبل مجيئه إليها و لكن، لم يتوقع أن ينصدم خاصة أمامها .. فاستجمع قواه و نظر إليها بعينين أحرقهما الشوق و اعتلى محياه بسمة تكاد تبوح بالبراكين التي تشتعل داخله و بدأت الكلمات تخرج من فاهه فقط لحفظ ماء الوجه:
- لقد توقعت هذه الإجابة، أنا فقط ظننت أنه من واجبي أن تعلمي بما أكن لكي من أنقى المشاعر، و أسمى ما يمكن للمرء أن يحس به تجاه آخر، أعلم أنك ستتزوجين و أردت ملاقاتك لتهنئتك، لأنني لن أستطيع الحضور يومها، لم أكن في يوم مستعد لهذا الموقف .. أقصد يوم فراقك، فقد اصبحتي جزءا من يومي يا "صديقتي" .. لا تنسي أبدا أنني موجود إذا أردت الحديث يوما ...
خرجت تلك الكلمات بمزيج من التألم لفقدانها، أحس بأن الوقت توقف عندها، لماذا تريد الأيام إخضاعنا بتقلباتها ؟ و كيف لنا أن ننجو من سطوة القدر الذي لطالما وقف في صف العدو، بصفعاطه المتكررة و خيباته اللامتناهية، لم يشعر من قبل بمدى ضعفه و قد تحول كبريائه إلى ذل، ليس لها، بل للحب، لذلك الشعور المقدس و قد إغتصب التفكير عقله و هو الذي عرف بقوته و بطشه، كيف له أن يضعف أمامها، كلها تساؤلات خطرت بباله في تلك اللحظة، و اعتلت أهازيج الكبرياء حينها، "يجب عليك المقاومة" تلك هي الكلمات التي سمعها، و رفعت رايات الحرب داخله، و دقت نواقيس الخطر، فاستدار و تركها وحيدة، و المطر ينهمر، كان الشعور بالذنب ينهش فيها ساعتها و لم يكن لماء السماء أن يمحي الذنب الذي اقترفته بحقه، كيف لإنسان أن يجد من يعشقه بجماله و عيوبه، بمحاسنه و تقلباته، ثم يتركه ؟ كيف لها أن تفرح يوم زواجها ؟ ليس لها أي ذنب في هذا، و لكن هكذا هي الأقدار تريد دائما أن تفسد علينا أفراحنا و تجعل من أيامنا شيء لا يطاق، إختلط المطر بدموعها و صوت الرعد بدقات قلبها، و البرق بلمعان عينيها، أما هو، لأول مرة يشعر بأن القمر قد إختفى من كبد السماء، و غطته الغيوم، رغم علمه أنه لن يراها مجددا إلا أنه لم يستدر إليها، و أكمل طريقه .....
مجدي حمدي
Website Design Brisbane