اخافك
Omaima Harzly - أميمة الحرزلي
بدأت تقترب من ذلك الشق ، كأن ذاك التصدع الصغير في باب هذا المخزن القديم قد عد لأجلها ، كي تختلس النظر منه الى ذاك الرجل القابع هناك ، تآكل أطرافه أركان هذا المكان شبه
المظلم ، فأمتزجت الحانه مع نفسها شبه المتقطع ، كشف عن خوف بليغ من ان يتم إكتشافها من قبل معشوقها الغريب !
لكنها دفعت هذا الباب المهترئ بلطف ، و دخلت ، و كأنها في هذه اللحظة تنازلت عن كل ما يعليها و بدأت تملأ المساحات الفارغة في روحها بمجرد و صولها الى عالمه الخاص الصغير ... كان يعزف معزوفة لشوبان .. ثم فجأة توقف ..
ذهبت اليه و جلست أعلى البيانو كالعادة ..
عم الصمت ... هذا ما كانت تبحث عنه ، الصمت .. !
ثم قال :
-عم ستحدثينني اليوم ؟
-عنك ...
-عني .. ؟!
-نعم !و من غيرنا يشاركنا هذا المخزن المهترئ ؟
-نحن فقط ..
مد يده ليتحسس تفاصيل وجهها البارد و الشاحب و لكنه كان جميلا بقدر شحوبه ، مد يده نحو شفتيها ثم أنفها و وجنتيها حتى وصل إلى عينيها و توقف .
كانتا ترتجفان حتى أحس بدغدغة رموشها ..
-مما ترهبين !
-منك .. أنت .
-لم ؟!
-لأنك انت ، لانك اقتحمتني تتراءى لي صورتك في كل ارجاء الفوضى ، فتكون انت النظام و انت الهدوء ، لاني قبلك لم أكن انا ، كنت ابحث عني في كل وجوه المارة ، لاني قبلك كانت اكبر
مخاوفي في ان لا أستطيع ربط شريط حذائي ، و ان تؤلمني ربطة شعري لاني دائما ما كنت اسعى ات تكون محكمة الربط ، خوفا من ان تضيع مني .. لاني قبلك كنت أنظر كثيرا في المرآة ، اتأمل تفاصيلي ، و أقف عند كل شبر ، ظنا مني أني كتلة تشوهات تجوب العالم .
لاني قبلك كنت اقرأ الكتب و أقع في غرام كل أبطالها ، كنت أخون نفسي حتى أني أنسبها الى شخصيات الرواية كي أعيش تفاصيلها ، لاني قبلك كنت اخرج من باب بيتنا الأمامي حتى اني اقطف تلك الزهرة البيضاء اليافعة لتدفع ثمن جمالها ، لاني قبلك كنت أسلك اقصر طريق للجامعة كي لا أتأخر عن المحاضرة و أدون كل كلمات الأستاذ التافهة التي يلقيها كل صباح ، لاني قبلك كنت انتظر بفارغ الصبر بزوغ الشمس حتى اني انتظر ذاك الاحمرار الواجن على خديها مع كل بداية ... كأنها تخجل جمالها ..
لاني قبلك كنت اقرأ الكتب و أقع في غرام كل أبطالها ، كنت أخون نفسي حتى أني أنسبها الى شخصيات الرواية كي أعيش تفاصيلها ، لاني قبلك كنت اخرج من باب بيتنا الأمامي حتى اني اقطف تلك الزهرة البيضاء اليافعة لتدفع ثمن جمالها ، لاني قبلك كنت أسلك اقصر طريق للجامعة كي لا أتأخر عن المحاضرة و أدون كل كلمات الأستاذ التافهة التي يلقيها كل صباح ، لاني قبلك كنت انتظر بفارغ الصبر بزوغ الشمس حتى اني انتظر ذاك الاحمرار الواجن على خديها مع كل بداية ... كأنها تخجل جمالها ..
قبلك كنت أختار عطري بعناية و اجوب جميع المحلات بحثا عن اجمل زجاجات العطر و افخمها و اغلاها .
قبلك كنت أشغل نفسي لساعات في البحث عم ارتديه و يشغلني تناسق الالوان و الدرجات لاني قبلك كنت باردة ، نعم باردة لم يكن غضبي غضب و لا قلقي قلق و لا حتى فرحي فرح حتى اني اكاد اكذب العلماء بقولهم ان درجة حرارة الجسم تكون عادية عند السابعة و الثلاثين ، فجسدي لم يصل اليها قط ..
لاني قبلك كنت انا و رغم سني العشرين تلك الطفلة البريئة ذات الشعر لبني المتوسط الطول .. فقط !
اما معك ، اصبحت اخافك ..
فلم اعد ارتدي ذاك الحذاء ذو الاربطة ، و لم يعد يغريني شعري محكم الربط ، لاني اصبحت امارس طقوسي الخاصة ، اعبدك بعد الرب .. أؤمن بتحرري و انقضاء فترة محكوميتي مع هذا العالم البائس ..
أخافك لانك فتحت باب الحياة لي بعدما عمدت الموت جهرا !
اصبحت انت كتابي و روايتي و انا بطلتك و كل اعدائك ..
لم اعد اسلك نفس الطريق حتى اني اصبحت شديدة التأخير ، افرط في محاضرات الأستاذ التافهة كالعادة ..
صرت أخرج من الشرفة ، فهي الطريق الأقصر اليك .
لم يعد احمرار الشمس يغريني منذ ان قررت مناداتيي ب »شمسي السمراء« ، لم اعد اتعطر منذ ان غرست وجهك البريء في شعري المبلل تحت المطر و قلت »انت و رائحتك فقط ، أمان !« ، و صمت بعدها ...
لم ألبث ان نزعت هذا الفستان ، و تخليت عن كل بناطيلي ، منذ ان عانقتني ، فبه اشعر انك تسكنني و تملؤني !
أخافك لانك ايقظت في انثى راكدة و جعلت منها تكيد ، لاني صرت اتردد على باب منزلك .. انتظر ملاقاتك صدفة !
لاني صرت بعد تلك الليلة بساعتها الواحدة و دقائقها الاربع أتخمر بألحانك و انا اراقصك حافية من الخجل ..
أخافك لاني لم أرهب النظر الى عينيك الواسعتين اللتان تنمان عن حزن رمادي ، يافع و ندي!
لاني أعد اخجل ان امرر يدي على خصلة شعرك الواقعة على وجهك صدفة ، لم أعد أرهب تفاصيلك ....
و أخافك لاني لم أعد ارهبك !
أميمة الحرزلي
Website Design Brisbane