إلى ابنتي العزيزة

amour-fille-pereMaha Chafii - مها الشافعي

بيروت .. أتعلمين كم كان يعشق والدك  بيروت ؟! ربما لأنه كان محارباً وربما لأنها برغم كل الحروب والكوارث التي لحقت بها استطاعت أن تنهض من الركام وتفرض إشعاهها وجمالها لهذا السبب أو ذاك كان مصراً على إطلاق هذا الاسم على طفلتنا الاولى.. ليته كان بيننا اليوم ليته لم يغادرنا ليرى كم أنت جميلة ! كم تشبهينه ! أرى..عيناك تشعان ذكاء وقوة مثله تماما..

"العين سر الأسرار سهم من سهام الملاك..سر مكتوب..عدسة تكشف رسائل الآخرين، عين حاره، عين بارده، ويكاد النظر يكتب ما في القلب..العين والخاتم..لو كانت مراسم تعميد الأزواج وضع عين في إصبع المرأه لفعلتها"!!
تلك كلمات والدك لي..لك أن تتخيلي كم كان يحبني.. لذا إذا أردت أن تعشقي فاعشقي مثله و إذا أردت أن تفهمي الحياة فتعلمي من سيرته.. أعلم أنني لا أستطيع إخبارك بكل ما أريد في هذه الرساله، كيف بإمكاني أن أفسر لكِ سعادتي معه..أحبني وعشقني بلا حدود..أحب داخلي، عمقي، جنوني، تناقضاتي، هيجان فؤادي، نزعة التمرد التي تتملكني..أحب مساندتي وأخذ بيدي وكان لا يبحث إلا عن فرحي.. أساسا كان هو سبب فرحتي دائماً وأبداً..كان يعانقني بقوة كمن وجد شيئا نادراً يحب أن يخفيه داخله..برغم اخطائي ومزاجيتي اقنعني أن قمة سعادته تكمن في العيش مع روح قمة في الضجيج الداخلي وأن يحول ذلك الضجيج إلى شجون بدون تعسف بدون قمع، أن يحتويه ويحتضنه وأول خطوه أن يحبه بكل ما يحوي من عيوب فنحن في النهاية لسنا ملائكة وكل منا يحمل عيوباً شتى..كان مصراً على أن أكون جزءًا من عالمه..ربما تتسائلين أين أنا من كل هذا الحب..صدقيني يا عزيزتي لم أحب رجلاً مثلما أحببت والدك..لقد كان وطني وملجئي و منقذي و أمني..هو رجلي..

ولكن على قدر آمالنا تأتي الصدمات لم تنصفنا الحياة وسرقته مني وتركتني وحيده لم تترك لي إلا صورا نال منها الغبار وبقايا أحلامي معه وأنت.. أصابني نزيف حاد منذ رحيله ربما بسبب الحزن..أمازلت تسكنين أحشائي أم غادرتني مثله الى الأبد؟؟..لا أعرف حقاً إن كانت ستصلك رسالتي وإن كنت ستقرئين هذه الكلمات..لم أكن إمرأة قويه الا بوجود والدك لم أكن أحس بالتميز والأهمية الا في حضرته..فقط اطلب منك أن تفخري بهكذا والد..لا تغضبي منه لأنه غادرنا لم يكن خائنا لم يكن جبانا كان رجلا لن يتكرر أبداً..

احببتكما وسأحبكما دائما..

بقلم مها الشافعي


إلى ابنتي العزيزة