دلف إلى قاعة الشّاي المميّزة له وابتسم عندما شاهد الركن المكشوف شاغرا و خيّل إليه أنّه خاصّ به و أمثاله ممن خلت قلوبهم و حياتهم من شخص يقاسمهم المكان فقد كان مكشوفا يطلّ على باقي القاعة فهو استراتيجي للمراقبة و فاضح لمن يروم شيئا من الخصوصية .

طالما بقي يراقب الآخرين في صولات و جولات غراميات لا تنتهي و كثيرا ما تغيّر تشكيل الجلوس لكن بعض الوجوه بقيت هي نفسها .في ركنه القصيّ يحسّ انّه يمتلك سلطة المكان فوحدته لن يؤاخذ عليها طالما يجلس وحيدا صامتا يترشف قهوته في ببلاهة مصطنعة و يهصر سيجارة بين أصابعه . خطر له ان يقف وسط المكان و يصرخ في وجوه الحاضرين "كفاكم نفاقا و مراوغة .. تفوح منكم رائحة الرّياء و......" فاجأته رائحة الأيقونة تأخذ مسارها إلى أنفه .."حتما هي هنا !!"

مسح المكان ببصره مرّة اخرى دون جدوى كاد يقفز من مكانه عندما شاهدها تقف عند المدخل تجول ببصرها في المكان "هل تبحث عن شخص؟ " احسّ بطمأنينة لذيذة فكلّ المكان مشغول و تتقاسمه الجموع التي حلّت به ثمّ.. اتّجهت نحوه !!شعر بجفاف حلقه و تصلّبت اصابعه ساحقة سيجارته .. رفع رأسه و استعدّ للمواجهة .