أنتِ آخر أسباب السّعادة

impossible-love-betweenJihen El Beshry - جيهان البشري

الساعة السّادسة صباحاً، يوميّ شتائيّ .. أجلس على حافة النّافذة المطلّة على الطريق العامّ، المدينة نائمة عدا الصّوت الخفيف للسيّارات البعيدة .. النّوم على إستحياء منّي لم يقترب منّي قيد أنملة، ليلة كاملةٌ أمضيتها وأنا أتقلّب في الفراش، و رغم دفء ليالي الشّتاء كنت أشعر ببرد يكتسي عظامِي .. أغنيةٌ تصدح على مقربة من بيتنا، لم أستطع تمييز الكلمات من الوهلة الأولى لكن في ما بعد تبيّن أنها لشادية تقول فيها

" واحشني والله واحشني

ومين يقولك مين

دا اليوم في بعدك سنة

يا عيني عالصّابرين

واحشني .. "

يرنّ الهاتف .. صوته يأتي من الجهة الأخرى متقطّعاً كمن يلتقط أنفاسه بصعوبةٌ قصوى قال كلمتين أو أكثر لم أعد أميّز " أنا أنتظرك حيثما إلتقينا أوّل مرّة " وأغلق ..

كيف يمكنه أن يتصرّف بهذه الشّاكلة؟ ثمّ ما الذّي يجري ليتركني أنتظر مكالمته كعادته كلّ ليلة.

وضعت شالاً صوفيّاً حول عنقي وأخذت حقيبتِي بما تحمله من الأشياء التّي أخذه معي عادة إلى الجامعة، وصلت يبدو المقهى دافئ جدّاً، أحبّ هذا المقهى جدّا ليس لأنّني إلتقيت به لأوّل مرة هنا، بل أيضاً لأنّه يشعرنني أنّ هناك مكانٌ يمكن أن ألقي به تعبي وأنا موقنةٌ تماماً أنّه سيزول .. مقهى محاطٌ بكلّ أنواع الورد، حيطانه من الخشب يشعرك بدفء الإنسان لا بدفء الآلة، داخله يحمل حنيناً إلى أيّام ماضيةٌ ..

ألقيت نظرة لأجده جالساً في نفس المكان، يبدو متعباً جدّاً، أعقابُ سجائر لا يمكن أن تعدّ، نظرتُ إليها بإنكسارٍ ليرفع رأسه ويقول " كنت موقناً أنّك ستأتي ولن تخذليني . "

إرتمى في حضني وبكى بكاءً لم أتوقّعه منه، هذه المرّة الأولى التّي يبكي فيها منذ تعارفنا بكلّ هذا الوجع، حتّى في لحظات خصامنا التّي تمتدّ إلى أيّام حين يبكي في الجهة الأخرى من الهاتف كان بكاؤنا معاً ولأسباب تافهة، والساعة التي لا يريد فيها خصاماً أو ما شابهه يطلب منّي أن أكسر الشرّ ويشعل بدلاً منّي سيجارة ..

* ماذا هناك؟

* لا شئ؟

* طيّب .. لماذا لم تعد إلى البيت ليلة البارحة .

* .........

* أسمعك ؟؟؟

* أنا متعبٌ، أشعر أنّ هذا الحبّ يوجعني، أنت تعلمين أنّك لست الأولى التّي تدخل ولا أنا الرّجل الأوّل في حياتك .. لكنّني أحبك، أحبك بكلّ ما حملته هذه العلاقة من عنفوان، أحبّك لأنّك
أنتِ، أحبّك وأريدك، أريدك بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى،

أنا أشتهيك، أنا أريد أطفالِي منك، أحلم ببيت صغيرٌ دافئ يحمل حبّنا .. إنّك تنتمين لهذا القلب .. لهذا الجسد ..

إنّك جزء منه بل كلّه .. لا تقولي شيئاً، لا تقولي بأنّ هذا الحبّ سينتهي بالزّواج، الحبّ العظيم يتكلّل بالزّواج، الرّجل حين يريد إمرأةً ليس فقط لعلاقة جنسيّة الرّجل يرى في إمرأته أمّه وأخته وصديقته .. وأنتِ " يا أناي " تكمّلينني وبدون لا أكون شيئاً. "

يده تمسك بيمناي، ويده الأخرى إمتدّت إلى المحفظة التّي يعرف مكنوناتها و التي كانت تجلس بجانبنا وشاهدة على هذا الجنون الصّباحي، أخرج الدّفتر الذّي عادة ما أدوّن فيه ما يحصل أو أكتب فيه أشياء عبثيّة .. فتح الدفتر على الصّفحة الأولى، تحت صورتنا التّي رسمها هو، خطّ

جيهان البشري
أنتِ آخر أسباب السّعادة