أحلم كطفلة
Maryam Mannai - مريم مناعي
فقط أحلُم بالحبّ و السّلام ،، هل صار الحبّ عيباً و الحلم جريمة يُعاقب مُقترفها ؟
أحلم بحبّ صادق لا بعبْء راحل..مُتعبة و الكلمات تهرب راكضةً و رأسي يضجّ بمئات الحروف الّتي أريد أن أتقيّأها كلّها في بحر النّسيان و اللّاذاكرة..
ربّي قد اشتقتُ لك ، اشتقت لنفسي ، أريد أن أقترب منك، أن أتلمّس طريقك..النّور الخافت يخذلني يغيب كثيرا ثمّ يعود ليهديني نحوك، ليجدني حينها ملطّخة بالوحل و السّواد.. أشعر أنّ
عينيّ لا تزالان كعينيْ أرنبة صغيرة بالكاد أقدر على فتحهما ، تغمرني الدّهشة من نور أجدني مجبرة على اكتشافه ، بي رغبة بغلقهما من جديد و وضع رأسي على صدره كرضيع لا يُدرك من الدّنيا سوى رائحة أمّه و صوت أبيه..لأفتحهما من جديد على أصوات آذان الفجر تتعالى. و دندنته أن أفيقي صغيرتي، إنه الميعاد/الميلاد
أحلم كطفلة و حلمي لا يتجاوز بالونة ورديّة يتوسّطها أول حرف من اسمي "م" ، تُهديني إيّاها ذات لقاء دون سبب ،، و تغرز فيها دبُّوسًا على حين غفلة، لتُمسي نُتفا متناثرة تتناثر معها ضحكاتك و لعنتي، أنتفض باحثة بين شضاياها عن حرفي ، أضعُه في جيب سترتك احتفظ بمقلبك، أرجو أن لا تكون لي مقلبا من مقالب الحياة السّخيفة ، أريدك آخر محطّة أحطّ فيها رحالي و تحطّ فيَّ..
لا أحلم بعقد ثمين و لا بعطر ذي ماركة معروفة ، فقط قهوة ساخنة في يوم شتويّ معك و وردة كفيلة بتخزين مؤونة من السّعادة داخلي،، أريدك أن تعزف لي ، أثبّت عينيّ على أصابعك التي تتحرّك بلطف حينًا و تنساب بعنف حينا آخر ، لتهتزّ أوثار القيثارة و تهتزّ معها أوتار قلبي
أحلم كطفلة تبكي بمجرّد أن وخزة من وخزات هذا العالم قد أصابتها ، تبكي لحزن العالم و كآبة الأيّام و ضيق الوطن و طول المسافات و كثرة الحواجز و الحدود..يقولون أن الإنسان يتخدّر حين يتعوّد على الآلام، هكذا فعلت..حاولت أن أرمي نفسي في عمق هوّة الغياب و في أصغر حلقات الدّوّامة ، لكنّ طيفا شاحبا منعني..
أحلم أن تُشاركني حلمي ، نتقاسمه سويّا ، أن تكون معي حين أتسلّم شهادة تخرّجي و حين أرتدي سترتيَ البيضاء و أخطّ على سبّورة الأماني أول حرف ، نمسح معًا دمعة يتيم و نرسُم البسمة على شفتيْه الصّغيرتين سأقرأ على طلبتي قصّة نسجتها و إيّاك ذات مساء لأغرس فيهم القضيّة ساحدّثهم عن فلسطين كثيرا سأحدّثهم عن لُغتهم الّتي أُهملت و هُويّتهم الّتي شُوّهت و أمّتهم المشتّتة الّتي ذهب ريحُها.. سأخبرهم أنّهم هم الأمل هم القضيّة هم طير العنقاء الذي سينبعث من الرّماد..
كن سندي لأخرج للمناطق النّائية حيث لا مدرسة ولا جامعة سوى صدور النّاس للشّقاء جامعة ، أجمع حولي أطفال القرية و أعلّمهم كتابة أحلامهم و أسمائهم بحروفَ يقطفونها من بريق أعينهم المشعّة توقّدا..
أحلم في عالم جرّمت فيه الأحلام و انقطع فيه حبل الرّجاء إلاّ من الله، وحده يعلم سرّ تلك التّفاصيل الصّغيرة التي تسكُن القلب و يّصغي للدّعوات التي تأتي كريح عاتية على الأقدار لتُغيّر وجهتها..و يتحقَّقَ الحُلُمُ..."لأرمّم حلمًا و أحلُم"
مريم مناعي
Website Design Brisbane