Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
قرأت النتيجة
Sarah Messaoudi - ساره المسعودي
سلمتها الممرضة الظرف قائلة: "فلتكن عزيمتك قوية.. العزيمة، القوة، والكثير من الصبر.. يا لطيف! إنك في عمر زهرة.. لازلت شابة على مواجهة هكذا أشياء.. لكنه القدر اللعين، كثيرا ما يسيء الإختيار.."
ارتبكت الفتاة.. ولم تفهم.. وجهت نظرها نحو والدها وهو يقف آخر الممر وينتظر.. ثم انحنت إلى الممرضة وتوددت إليها قبل أن تدرك السبب: "هل بإمكانك إقناع والدي بأن التحاليل سليمة أو أنه لا يمكنني إستلامها الآن.. رجاء نحن ننتظر منذ سويعات وسيشكك أبي في الأمر.. رجاء جدي سببا!"
أجمل ما في الطاقم الطبي، أن إنسانيته غالبا ما تتجاوز ما يجوز.. تقبلت طلبها بلا اقتناع مهني.. ونادته وهي تتمتم: "لكنه سيعرف عاجلا أم آجلا.. تحتاجين إلى والديك أولا الآن.. هما سندك في الحياة وخاصة في مثل هذه الظروف.."
"أبي رجل مثقف ومريض.. كان سيمسك الظرف ويقلبه تقليبا ثم سينهار أمامي حزنا ويذبل.. أنا أخطأت في جلبه إلى هذا المكان.. كان ينبغي أن أضع لنفسي هكذا احتمال.. بعد طول هذا العناء.. نتيجة سلبية منتظرة لامحالة.."
حين وصلت إلى البيت، أخفت الظرف عن انتباه الجميع.. وغيرت ثيابها لتتخلص من رائحة الأدوية.. هي تتألم منذ فترة بعيدة.. تحملت فيها أصناف الوجع وأشكاله فقط لأن أكثر ما كرهته طيلة حياتها هو دخول المستشفيات..
أمسكت الظرف ثم غادرت البيت..
اتصلت بالرجل الذي أحبت وتحب.. لطالما كان ملاذها ومهربها الوحيد.. أرادت استمادة العزيمة من عينيه، وشحن نفسها المنهكة بكثير من الحب.. جاءها بلهفته المعهودة.. وصل كعادته قبلها إلى المكان..
- ماذا إن رحلت قبل أن نحقق بضع أحلامنا معا؟
- عندي سنين نقلك راني نتبعك.. نحقوها الكلها وين ما تمشي ونزيدوا عليها من فوق.. نتبعك..
هو الذي يحميها دوما من مخالب الشر والبشر.. وبشاعة القدر.. وهو الذي لم يخيب أملها ولو لمرة واحدة منذ ستة سنوات..
تأتأت: "أ.. أع.. أعتذر.. عن كل تلك اللحظات التي لم أمضيها معك.. الأسابيع التي أخذني فيها منك العتاب والغضب..
والأشهر التي أمضيتها في بطن أمي.. كان ينبغي علي أن أقضيها بين راحتيك..
وأعذرني أكثر عن كل تلك المرات التي أخبرتك فيها بأن حبك يسري في دمي مع الكريات البيضاء والحمراء وبين الأنسجة والشرايين.. دمي نجس، ملوث ولعين..
لكنني أحبك.. أحبك في كل ظرف وفي كل حين!"
خرجت تلك الكلمات.. بعد أن قرأت النتيجة وهي على الطريق: مصابة بسرطان الدم.
***********
الله يبعد علينا المرض بعد السماء على الأرض..
ساره المسعودي
Website Design Brisbane
Tags: