صدفة #1

soumaya-grami-romanSoumaya Grami - سمية قرامي

صدفه هي التي جمعتني بك;و صدفه هي التي دفعتني للمرور من ذاك الطريق, ما اروعها من صدفه , صحيح ما تتناقله الالسن عن الصدف كم أنها جميله! هناك مثل شعبي في بلدي يقول " صدفه خير من الف ميعاد ' مثل تداولته اجيال

لم اكن اامن به حتي مررت بجانبي ذلك اليوم صدفه اتذ كرها كهذا اليوم تماما كان يوم جمعه الخامس من فبرايرسنه الف و تسعمائه وخمس و تسعون ,   تساقطت امطار غزيره في تلك السنه و كانت ليلة البارحه اشدها سو ءً  كانت الساحات مبلله تعلن عن قدوم ايام عصيبه و شتاء قارس سماء فبراير تبدو مكفهرة هذه السنه كأن الحزن سيزورنا رفقة هذا الشهر. 

كانت الليله التي سبقت لقائي بك ليلة عيد ميلادي العشرين, فتاة ذات العشرين ربيعا كانت قد خبأت شعرها الأسود  المخملي خلف حجاب اشد منه سوادا, اخفت سحر تلك العيون العربيه وراء رداء من  الحياء  نعم عشرون سنه كان عمري حين إبتسمت لأول حب دخل حياتي لأول نبض خفق داخل قلبي لأول حلم رسمه خيالي حين القاك القدر في طريقي .. , كانت حياتي قبل ذلك تنقسم لشيئين إثنين لم يكن لي ثالث غيرهما  "دراسة و بيت" فأنا شرقيه المنشأ و لا لوم عليَّا إن كنت رضيت بتلك القيود فهذا ما  علمتني  إياه تقاليد بلادي  و ذلك ما إعتدته منذ نعومتي أظافري  , كنت أقرأ تلك المجلات التي تنادي بحرية المرأة و بتخليصها من القيود الذكورية متمنية ان يصبح حال كل العربيات كذلك , كان هناك صوت عميق في داخلي يخبرني ان الاحوال ستتغ ير قريبا لم اعلم ان ذاك ان كلمة قريبا كانت تعنيك  او انها تخص لقائي بك ..  

كنت كمعظم اهل قريتي  استفيق كل صباح علي صراخ و عويل  و كان في بيتي يخص  زوجة عمي مسكينة كانت تعاني الأمرين إبن عاق ترك دراسته و ركض يلاحق جلابيب النساء و كؤوس الخمر  و زوج يعنفها كل يوم بدون أسباب كنت استمع لتأوهاتها التي يخنق صداها جدران غرفتي  , منذ كنت طفلة وهي علي نفس الحال, إعتدت صرخاتها و إعتادت جدراني ذاك الألم; الذي كثيرا ما أيقظني باكية في سواد الليل ,  و لم يكن ذاك الظلم سيتوقف ابدا .

في ذلك اليوم كنت قد فوّت إحدي محاظراتي لشعوري بالملل من الروتين اليومي فقررت عدم الحضورو  اختيار طريق مختلف للعودة للمنزل بعيدا عن تلك  الطريق التي إعتادته قدماي كنت بمفردي بعد ان رفضت صديقتي مرافقتي متعلِلَة بأهميّة تلك المحاظرة و لكنني لم اكترث  لها كأن القدر هو من دفعني لمغادرة الحرم الجامعي ذلك اليوم للبحث عنك بين المارين
سلكت طريق' المكتبة الكبرى' هذا ما اطلقه عليها روادها و انا قد كنت و لازلت واحدة منهم , عشقت الكتب منذ كنت صغيره اتذكر ان اول قصة قرأتها كانت بعنوان "الزنبقة السوداء " اثار فضولي عنوانها فقررت مطالعتها و بالفعل إشتريتها و كثيرا ما راقتني تلك القصه لازلت اتذكر بعض تفاصيلها إلي يومنا هذا اه كم اشتاق لأيام الطفولة و لشقاوتي كم كنت فتاة شقيه ايامها هههه اكثر ما احمله في ذاكرتي من صور الطفوله هو تلك الايام التي كنت العب فيها رفقة صديقاتي فوق كثبان الرمال و الاتربه " طفوله متسخه " و من منا لم يجربها ! كنا نمثل دور الامهاة هذه حالنا منذ صبانا تكبر فينا غريزه الامومه شيئا فشئ ذلك الشعور الرائع الذي يملأنا آه ما اجمله !  .

ركبت بعد ذلك اول عربة نقل صادفتني لم اعلم وجهتها و لم اهتم اصلا كنت كمن اراد الهروب من سجن مقيت  بالنسبه إلي كان الإبتعاد عن الجامعه وعن الضجة ,وعن عالمي المعتاد هو ما اريده في تلك اللحظة كانت العربه شبه فارغه لا تخلو إلا من شا بة أضن انها في مثل عمري ترتدي سروال من الجينز الازرق و جاكيته حمراء بينما اسدلت شعرها الصفراوي هههه انا من إخترع هذه الكلمه و اعني بها شعر لونه بين الأصفر و البني إستعملت هذا المصطلح يوما حين كنت اصف بنت اكرهها في الجامعه و قد ضحكت مني صديقاتي و من مصطلحي العجيب قالت لي إحداهن في سخرية '' يا بنتي حرام عليك " كانت تعيب عليا فعلتي و لكنها تمازحني ايضا , أعذرني عزيزي القارئ لثرثرتي الأن سأكمل لك الحكايه  .

كان في العربة ايضا إمرأة عجوز و كانت جميلة جدا و طيبة الملامح عيناها زرقوان مثل زرقة السماء و فمها البسام كان زهري اللون كانت تداعب طفلة صغير برفقة والدتها كانت هذه الأخيره تنضر لهما ببتسام مثلما كنت افعل كم يعجبني حين اري ذلك الدفئ في اعين الناس اشعر ان الحياة لازالت بخير عكس ما تتداوله السن الجميع*


سمية قرامي

Saveصدفة #1