Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

امشِ في ثنايا ردائك

deal-with-lifeWejden Chetouen - وجدان شتوان

في الواقع سوف تفجع دائماً وأبداً.

لن تتجاوز موت محب، سوف تتعلم أن تتعايش مع هذه الخسارة. سوف تشفى وتبني نفسك من جديد حول محور الرحيل الذي عانيت منه. سوف تكتمل مجدداً ولكنك لن تعود أنت. لن تكون مثلما السابق. لن تعود أنت ولا يجب أن تتمنى ذلك.

تعلم أن تتواصل مع الصمت في داخلك، واعلم أن لكل شيء في الحياة مبتغى. ليس وجوده عن خطأ او عن صدف، كل الأحداث نعم قدمت إلينا لنتعلم منها.

الأشخاص الأجمل من بين الذين قابلتهم هم أولئك الذين عرفوا الهزيمة والكفاح والعذاب والخسارة، ووجدوا طريقتهم الخاصة للخروج من الأعماق السحيقة. هؤلاء الأشخاص لهم رؤيتهم وحساسيتهم وفهمهم للحياة. يملؤهم التعاطف والتواضع والبساطة، والقلق المحب العميق. الأشخاص الجميلون لا يأتون من لا شيء

دعني أتقدّم بصلاتي، لا لأكون بمنجى من الأخطار، ولكن لأقابلها وجهاً لوجه دون وجل

لا لأسأل التفريج عن ألمي، ولكن ليكون لي الجَلَد على تحمّلها

لا لأتوسّل في رعب شديد، بغية النجاة، ولكن لأتعلّل بالصّبر حتى أظفر بحريتي

هيّء لي، يا رب، ألاّ أكون جباناً لا أستشعر بنعمتك إلا حين أصيب النجاح، بل دعني أظفر بضمّة يدك في خذلاني

أنا بلا اسم كي أكون كلَّ الأسماء، وبأعضاء متناثرة في كل مكان كي تكون كلُّ الأمكنة مكاني. إن نادى أحدٌ أحداً، أينما كان، أليس عليَّ أنا أيضاً أن أجيب؟ وإن كبا كائن في أي مكان، ألا يجب أن يكون مني شيء هناك كي أحنو عليه

ولو سألونيِ ما كانتُ سأُجيب. لم أكن أعرف جواباً. كنتُ أعرف فقط أنَّ الهبوب يجرف كلَّ شيء، الأسئلةَ والأجوبة والكلام، ويصمت

كنتُ طفلةً في حقل حين هبَّت علي أوَّل ريح، وسقطتْ ورقة من شجرة أمامي. انتظرتُ ، علَّ الريح تعود، وتعيد الورقة إلى الشجرة

ثم رأ يتُ الشجرة كلَّها تهوي

ثم لم أعد أرى أيَّ حقل

وما بقي للبستانيّ أن يفعل غير جمْع الأوراق وكسور الشجر. ما بقي للبستانيّ أن يفعل غير إحراق بستانه ؟؟؟؟

وتيقَّنتُ ، حينذاك، أنَّ ما أراه في البعيد، أنَّ ما أسعى إليه، هو ما هو إلّا سرابٌ و دخان

أنا الكائنة هناك، وأنا المنادية هناك، وأنا المجيبة والحانية. والغصن المنكسر أمامي كان ضلعاً مني والطير الميْت المرتطم بي كان بعض حياتي. كل الغصون في الشجر هي ضلوعي أيضاً،
والطيور على الأرض وفي الجوّ إخوتي. والأحجار، هنا وهناك، عظامٌ لي لم يكتمل نموُّها، فهل أتنكَّر لعظامي؟

هببتُ حاملةً معي الشجر والطيور والعظام. لا إلى أرض، لا إلى مكان. هببتُ إلى الشساعة، إلى كل الأمكنة، محمولاً بالعاصفة، و حاملةً السكينة: سكينة الشجر إذ يمتلئ بالتراب. سكينة الطير إذ يمتلئ بالفضاء. سكينة العظْم إذ يفرغ من الجسد.

، لكن أينما عصفت الريح بي كانت السكينة في قلبي هببتُ عاصفةً

لم تكن هناك طريق. استنسختُ من حذائي طريقاً

لم يكن هناك شجر. استنسختُ من ضلوعي جذوعاً وأغصاناً. ومن أنفاسي استنسختُ ريحاً عائدة، كي تعيد الورقة إلى الشجرة

حين رأ يتُ الريح تُسقط الورقة أمامي انتظرتُ وبكيتُ ، لأنَّ الريح لم تَعُد ولم تُعِد الورقة إلى غصنها... و أحزنُ الآن لأنَّ دموعي لم تكن حينذاك مطراً، فلعلَّ الورقة كانت شربت قبل أن تموت
صُبَّ دمعاً في كأسك صُبَّ مطراً على ورقٍ ميْت

صُبَّ شجراً، من ضلوعك

استنسختُ طريقاً من حذائي

و طويتُ الطريق، طيَّة طيَّة، ووضعتها في جيبي

وصرتُ ، عوض أن أمشي على الطريق، أمشي في ثنايا ردائ

لم تكن هناك طريق، ولا حذاء له ولا ثوب. لكن قلتُ ذلك كي يكون لي مشي

لم يكن لي شيء. كان لي القول فقط. كان لي القول، والمشي في القول

وقطعَ الدروب كلَّها مشياً على الكلام

لا تلفظِ الكلمة الأخيرة، لا تقلْ الكلمة التي في آخر الطريق. قد يسمعها أحد في أوَّل الطريق ولا يعود يمشي

وإذ تطوي الطريق وتضعها في جيبك، تيقَّنْ أنْ لا أحد ماشٍ عليها. هكذا يخفُّ حمْلك

وهكذا لا تزعج الماشين

وإنْ أردتَ رفيقاً، فأيُّ رفيق أعزُّ من وحدتك؟

امشِ على الكلام. امشِ على اللهاث الذي يخرج من فمك

وسترى في تعبكَ طريقاً، وشجراً أيضاً

امشِ في ثنايا ردائك. امشِ على الطريق المطويَّة في جيبك

بين تعبكَ وثوبك طريق، ويمكنك أن تمشي عليها العمر كلَّه

وجدان شتوان
امشِ في ثنايا ردائك