النسيان هو الحل

feeling-emptyRyhab Bouhoiya - رحاب بوحوية

في هذه المنازل الرمادية القذرة كنت اعيش تحت سقف اعفنها حتى اني لا اقوى على ذكرها فيغمى علي من شدة عفنها , كنت على يقين اني اصارع الموت حتى اني لم اختر ,او بالاحرى لم أخير, هل اموت جوعا؟خوفا؟حسرتا؟هل اموت وعيناي مفتوحتان؟هل اكتفي بالاستلقاء؟لم يكن الموت بالنسبة لي الانتقال من هذا الجحيم الى قبضة الله , موتي كان هذياني الحزين هذا الذي لا يسمعه غيري حتى وان صحت فهذة الفراغات ليس لها صدى , هذيان لا يؤذي اليعسوب الذي مر امام النافذة مترنحا ذات مساء, ذاك السواد المفرط الذي يخنق السماء, اذكر تلك الابتسامة الخضراء بين الصخور الشاحبة, لم يكن البحر وحده الغارق ولم يكن بيننا ناج , تلك كانت بدايتي مع المساء ,

كانت الاقامة في بلاط الجحيم كفيلة باحياء شراهة الماضي وتحرير حنين القمر,وقد ذبلت زهور الحديقة التي كانت تحرقني بنعومتها حتى طرف العضام , الى اقصى حد , كانت السنة الافاعى قد هاجمتني ذات ليلة مجيدة في حلم رقيق , كان قد استشهد التنين , جناحيه المتدلية نتنة للغاية رغم انها مرهفة لم اعي النار قرب موضع راسي ,

أذكرطفولتي السعيدة حين كنت عجوزا وقد ماتت الازهار بيدي فرقصتي السعيدة وحشية,

اذكر اخر صباح عندما كنت طفلة ,اعني الامس, اي عندما ألتهمت امالي, منذ عدة دهور , اعود فجأة الى هذه المقبرة , ارمي الفراش جسدي ,بارد ,نهر كثير الحصى , نهر يبكي, اجراس تدق ومكتبات مغلقة, اغراب يبكون بلا حزن ,حمار يعوي ولا احد ينقذني , ابكم يروي حكايته وتعود المراكب فاقدة اشرعتها, يوقضني مشهد بقرة تنخر البحر للضفة الاخرى فينكسر الغصن واهوى,,

هل هذا انا؟ من هناك؟,, تبقى تساؤلاتي يتيمة الاجابة ,, الى ان قطعت هذا السكون صرخة عميقة طويلة , افزعت كلاب الحراسة الشاردة , يئن الوسط بخطوات مخنوقة ,بطيئة , كانها تتجرجر من اعماق الهاوية, يفتح باب ليغلق اخر ,,اتسمر بترصد ويجمد الدم الداكن داخل بعض الشرايين , ارعب من هذا الصوت المتقطع , وحفيف الانامل الخشنة واصحو,,كل ليلة يتكرر بلا ملل المشهد نفسه , اصيح بلا امل اطلب الرحمة , لاني على يقين اني بلا جرح ظاهر , وما خفي اعمق ,,و لا اتلقى جواب داخل طيات الضلام وامام شهود تلذذوا المي ,,

النسيان هو الحل , لم تعلمني الايام بل الخيبات من جعلتني اصدق ان النسيان اغنية عذبة اللحن , انشدها بصوتي المخيف ورعشة أفئدتي كلما جاء مقطعي المفضل الذي ارثي فيه عصفورا أرملا جناحاه مطلوقان ينحدر بسلاسة , بلا حراك داخل مجرى الرياح الهائجة ,, بيت قديم يتوسط الغابة,, طفل وحيد يسابق المطر الليلي فالانهيار ,, النسيان ابيض , مخادع يتلاعب بنبوءات عرافة في جحرها ,,  عميق هو النسيان للحد الذي يجعلني لا اتذكر عنه الا القليل ,,

الهرولة والقيلولة ,, الركض والنوم ,, الكد والكسل ,, السعال والغناء ,, الوقت والفضاء,, الانزواءوالاندماج ,, لقد فقدتها ,, سئمت هذه القذارة حقا,, وسئمتك أنت ,, وخصوصا سئمت نفسي ,,لم اخف الموت لحظة بل انا من جعلته يرقص ليالي حافي القدمين غارقا بدمائي الحارقة, بلا وعي ,, اعلم الان اني لست سوى اطار مكسور واني قاربت النهاية ,, رغم كلماتي المختارة بعناء واللتي سهرت احفظ تناغمها الا ان لساني التصق سقف حلقي ,, اعي وجوب القاء خطاب يروي تفاصل تدمر اخر حصن احلامي ,, كان يجب ان اجد لنفسي عالما اخر ,,غير هذه الارض يكشف كل اسرارك كالهاوية ,, في ساعات الصباح الضبابية ,,سياتي اليوم الذي انتصر فيه ولكن ليس اليوم ,,كوعيل ذئب هجين في صحراء قاحلة يعلم ان احدا ما يواسي المه ولو من بعيد .

رحاب بوحوية

 النسيان هو الحل