نهرب

syrienne-noyee-merShayma Grine - شيماء ڨرين

نهرب،نهرب باحلامنا لبعد آخر،نهرب بأفكارنا ببقايا طموحاتنا لزمن آخر, لمكان آخر،اي شيء قد يعتبر الآخر بالنسبة إلينا هو الملاذ! هو سفينة النجاة!

كذلك تجدنا نهرب من حيّنا من مسقط رأسنا.. ليس تجردا او نكرانا في اصلنا فالخارج ليس جنة ولكن الداخل جحيم تلتهب ،نار توقد، وعي مبعثر وأهداف تتناثر كشظايا الفحم كل هذا طمعا بحلم العيش، فرارا من كابوس الموت،

نعم انه حلم فبعد ان كان التنفس ليوم آخر حق تكفله الطبيعة للبشر ،في وطني اصبحت الحقوق أحلام و ليست بالسهولة الساذجة التي يتحدث عنها البعض و لا تقدم في طبق من ذهب ، فنحن في وطن نعلم ان بخروجنا ان كان ذلك بصورة قانونية اولا فاننا مواطنون سحقنا الذل...،

ولكن البعض يجد بهذه المذلة الخلاص من ان يقتل لانه ينتمي لطائفة ما او يعيش في سطوة طائفة أخری،مقتول انت بتهمة فقرك ،احتياجك ،عجزك فهو ذو دلالات طائفية كما يعتذر القتلة..فمهما كان الذل الذي سنعيشه في هجرتنا هو اهون من ان نقف مذلولين امام ابن بلدنا يحمل السلاح في نقطة التفتيش لنصف ساعة و هو يمتع نظره بنسائنا هذا ان لم يتعدی حدود النظر وان انت اعترضت, التهمة جاهزة لتطبع فيك و تذهب في نزهة ما وراء الشمس..

ففي بلدي يقتل الفنان و الاديب و الرسام و الانسان الفقير الذي لا يعلم اصلا باي ذنب قتل ...

نعم في بلدي النساء تغتصب بصمت، الاطفال تيتم بصمت ، و الرجال تهان في رجولتها بصمت ..!

في وطني الحقول تزرع كي تشبع الغربان و الطواحين تدور لكي يطحن البشر ، في وطني يمتزج اللون الاحمر بقطرات المطر حتی المطر في وطني ماعاد كالمطر..،

في وطني تولد لتموت و تموت لتعيش في الأشكال و الشكليات في قوالب صنعناها بانفسنا ،بارعون نحن جدا في اختصار كل الاشياء ذات قيمة عالية الی أقل ما يمكن فقد علمونا ان نجرد كل شيئ من معناه لنعيش في زهد افتراضي فبدل ان انرتفع الی مستوی أعلی و أرقی تجدنا نطيح من قيمة الشيء الی العدم فيصبح شكلي مريح و سهل لكن بدون معنی،...

و لذلك نهرب ....!

لعلنا نجد بفرارنا هذا ذلك الخيط الوهمي لتحرر عظيم من الوهم،من القوالب،من تلل العقلية الضيقة...

... فنعيش !!!

بقلم شيماء ڨرين


نهرب