لقد تحولت
Eya Trabelsi - آية الطرابلسي
تغلق هاتفها..تطفئ الأنوار تمسك بسجارة..انها ملفوفة بحشيشة القنب الهندي..لقد نصحها زبونها ليلة أمس بتجريبتها و مدها بواحدة..فقط كي تكون مرنة أكثر في مرة المقبلة، لا يهم..فقارورة النبيذ خاصتها قد انتهت..وهي لا تريد الخروج الآن من زنزانة وحدتها حتى و ان كلفها الأمر بتخلي عن أنيسها الوحيد في يوم راحتها..قالت في نفسها أرجو أن تكون هذه السجارة كافية../
ولكن كافية لماذا ؟؟ أظن أنها تقصد كافية لرفقتها. .أشعلتها ببطئ مستنشقة إياها بقوة في نفس الوقت.. ثم جلسة على فراشها و سرعان ما نزلت و استلقت على الأرضية رغم شدة برودتها..فهذا الفراش يذكرها ما تريد حقا نسيانه لكن نسيان هذا الأمر شيئ مستحيل..هي تعلم حتى لو أتلفت خلايا دماغها لن تنسى سيظل العار الشنيع ينبش ثغرة كبيرة في ذاكرتها..
واصلت تدخين تلك السيجارة السحرية كما وصفها لها ذلك الأحمق..كمعتاد إثر مكوثها بمفردها تعود بها الذاكرة لأيامها التعيسة الأخيرة لكن هذه المرة تذكرت أول مرة تلمس فيها شفتها السجائر..ثم تذكرت أخاها الأكبر الذي لم تبارح السيجارة فاه..ويلاه من ذلك الوغد الذي تكلف بتربيتها بعد وفاة والديه في حادث أليم لتصبح من البنت الصغيرة المدللة الى الخادمة للأخ و زوجته و ثم أبنائه..آه فليذهبوا كلهم الى الجحيم..يوم هروبها من ذلك المنزل..لقد كانت يومها كطائر الذي يخرج لتوه من قفص قضت فيه حياته كان تختلجها أحسيس ممزوجة كخوف والفرح الخبطة و النشوة و خاصة بحرية فآن أصبح بوسعها الضحك بصوت مرتفع و هي تعرف أنها لن تسمع صراخ أخيها حال ضحكها ..
لكن أملها بدء يخيب شيئا فشئا فبعد أيام من تسكع و لهو في شوارع اتضحت لها صورة هذا العالم التغيس و عرفت أنها أخيرا قدرت عاى التحرر من قيود أخيها لكنها لن تقدر عاى التحرر من قيود المجتمع أي أنها خرجت من السجني الفردي الى السجن الجماعي ..ماذا عساها تفعل الآن فلقد انتهت تلك النقود التي سرقتها من زوجة أخيها و أوشك فصل الخريف على الإنتهاء...ها هي الآن تعاني الشتاء بكل قسوته مترامية كل ليلة في إحدى الحدائق العمومية تارة و محطات الحفلات تارة الأخرى..وفي ليلة كان الجو شديد البرودة و رياح تعسف بقوة جلسة على حافة الرصيف متشبثة بقوة في عمود كهرباء مستمعة الى صرير أسنانها كانت تردد داخلها لا لن أندم أبدا أبدا على الأقل سأموت بكرامتي لكنها لم تمت ..تمنت أنها ماتت وقتها حقا ليتها ماتت...وهي ترتجف تلوح لها أنوار سيارة فخمة تقف أمامها ثم انزلت النافذة إذ برجل يخاطبها
-هيا اصعدي لن أعطيك أكثر من 500دينار
-ولكن عن ماذا تتحدث ؟
-لا تتدللي أكثر أيتها الصغيرة 900دينار آخر غرض
محدقة إياه بتعجب
-لا تكوني حمقاء انها فرصت لا تعوض 900دينار و أحميك من الموت متجمدة مقابل بعض المتعة لتمضية الليلة هيا اصعدي سأفتح لك الباب
صعدت السيارة و فضول و الخوف يتملكها عن ماذا يتحدث وماذ ا يقصد ..تغيرت حياتها تماما بعد تلك اليلة الملعونة ..
لقد تحولت تماما و انقلبة موازين حياتها من فتاة صغيرة ساذجة مفعمة
بحياة و الأمل الى امرأة عديمة الحياء بل و أكثر من ذلك الى عاهرة تبيع جسدها ...ينامون معها ليلا و ينعتونها بزانية نهار ..تكرهها كل النساء ويشتمونها ان مرت أمامهم ..لقد فابلت جميع أصناف المجتمع الغني الذي ياجئ الى فراشها هروبا من زوجته العجوز الفقير الذي سئم حبيبته كثيرة الطلبات..
تعرفهم جيدا و تعلم كيف يقلبون القميص و متى يلبسون الأقنعة..المأسف أنها ليست إلا ضحية..ضحية لمجتمع فاسد متعفن منافق ..هي ليست عاهرة كما يظن الجميع لكنها إمتلئت بكدمات حتى أصبح لا يهمها شيئ..تبيع جسدها كل ليلة لأنها تمقته هي تكره كونها نفسها لا يهمها ان لمسها هذا أو ذاك لا يهم ان لعب بثديها أو نعتها بساقطة فهي تعيش فقط لأنها موجودة..لا تريد مصارحة أحد بقصتها ولا تريد شفقة مخلوق بنسبت لها تعتها بعاهرة أفضل بكثير من المسكينة اليتيمة ذنبها الوحيد أنها من دون والدين..ينتهي أخيرا شريط حياتها من مخيلتها هذه اليلة و تستنتج أن الأرضية كمكعبات الثلج و تقول أه لقد تجمدت مأخرتي سأتنازل وأنام على الفراش لأنني فعلا أحتاج مأخرة لليلة الغد....
آية الطرابلسي
Website Design Brisbane