كل هذا موجع ..
Aya Ismail Bezine - آية إسماعيل بازين
كل هذا موجع .. أن تقف عاجزا أمام دنياك موقنا أنّها خرجت عن سيطرتك و أن كل شيء يتسرب من بين أصابعك كما الماء ما عدا ذاتك التي تختبأ في زوايا دائرة انحسرت تدريجيا ،هي الأخرى، بفعل اليأس و البؤس ..
أن ترغب في قليل من الهدوء لتوسيع "خلقك الضيّق" و تتمنّى الاتّكاء و لو على "همزة ألف" و لا تجد، فهي أيضا، تفتّت لنقاط ثم تلاشت في بياض اسودّ بهم و بفعلهم و بقولهم و بكلّ كلمة حق ابتلعوها لتستقرّ في أحشاء الخفاء/الجحيم ..
أن تبتر فرحتك، أحلامك، أقوالك، نصوصك، علاقاتك، أرضك، قضيتك، حقوقك، مقدّساتك و حتى أحزانك، فلا يحقّ لك أن تصل بشيء لدرجة الكمال ما دمت معهم و في نطاقهم و تحت ظلّهم -المشكوك فيه، لربّما يتّضح، فيما بعد أنّه مجرّد مؤامرة من الشمس و الأرض و هم و كائنات أخرى لا تعلم مهيّتها-
أن تطغى مساحات البكاء على حياتك فجأة، أن تتملكك رغبة جامحة وسطهم ، بضجيجهم و جدالاتهم - و هي عقيمة و لا طائل من ورائها سوى حرق ما تبقى من أعمارهم و أعصابنا- أن تبسط الأرض ملحا بدمعك و يعمدونك و يلطفون جراحك به..
أن تكتشف ذات صباح أنك مجرد رقم مضاف لأعداد القتلى الأحياء و أنك ملزم على التعايش بهذه الحقيقة و أن لا مفر منها و من استوعابها و تلقينها..
أن تستيقظ ذات صباح و تتذكر أن كل من تحب مفارقك و أنك لن تخلد و ستموت، و تهرع للمرآة ولا تقدر على تحسس ملامحك و لا تجد سوى الفراغ ..
أن تكون مقتنعا بأن كل ما تكتبه لن يغير من كل هذا شيء لكنك تصر على الكتابة و تتشبث بآخر قطرات الحبر لتؤرخ مأساتك اليومية بذات الطريقة و بذات الأحرف و العبارات..
كل هذا موجع لو تعلمون..
بقلم آية إسماعيل بازين
Website Design Brisbane