عن أي هوية أتحدث !

lost-identityAmeni Haddad - أماني حداد

فتحتُ ذاكرةَ هوياتي أَنبشُ فيها عن هويةٍ أعبرُ بها بوابةَ القرن الحادي والعشرين .. فكلُّ أرضي صارت حدوداً ناسفة , وشرايين نازفة  وأنا امرأة شاردة تقطعت بها سبلُ عبورِ التضاريس , واختراق الحواجز والمتاريس .. منذ صرت تلك الهاوية امر من زاوية الى زاوية  امر مرور الكرام حتى لا أخشى ما بين الجنة و النار وتنفخ البهجةَ في الدار..

منذ ذلك الخريف الأول ..حُفِرَ على جسدي :أنتِ أنثى ...وصارت لي هوية بها استطعتُ أن أَمرّ من بوابات وأزمنة نثرَ حرّاسُها تحت قدمي ماءَ الحياة لأعبر به طرق المدينة , فتغفو بيوتُها في حضن السلام والمحبة .

ولكن عابرَ حضارةٍ طرقَ أبوابَ المدينة الساكنة , باحثاً عن ملاذات آمنة , خوفا من موتٍ صادمه في مسيرته الحضارية ...وصار ظلّه الظليل .. فاقتحم البيوتَ والأزقة والطرقات , و أيقظ الحرس وصاروا له العسس , و سكن المدينة وأعلن ان لا دخول إليها الا بالهوية ....فكثُرت الهويّات ..وتعدّد الأموات ...وتناسلوا من رحم الصراع على السلطة وملكية الأرض والعرض والمال والبنون .. وهجعت بيوض الفناء في كتب الموت .. وتهت أنا بين حروفها , وتشردت بين سطورها , وتقلّبتُ مع صفحاتها  مرةً عربية ... وأخرى افرنجية ..ومرّة شرقية  .. ومرّة مسلمة ...وأخرى ..ومرة ..وأخرى ..

بأيّ الهوياتِ أعبرُكَ أيها الزمنُ العابرُ للهويات ...أيَّها أهوى ..وأيُّها يهوي بي .. إن قلتُ أنا الشرق , فالغرب يغرب بوجهه عني ...وإن صرختُ أنا  ..هويّتي من ورق الشجر ..من زمن تساقطت فيه كل العبر ..لا تحكم ُولا تقتلُ ولا تصفّر .. وإن اصفرّتْ تعودُ في الموسم القادم وتخضرّ ..
هويتي ورقةُ  علقت بجسدي في غفلة من لصوص التاريخ حين سرقوا كل أوراقي وبقيتْ هي تشهدُ على أنني اولُّ اللجوء.. وأقصى النكبات ..وأقدم المستعمرات .. هي ورقة .. ولكن بكتاب مِمَّا تَعُدُّونَ .

بقلم  أماني حداد
عن أي هوية أتحدث !