أنا أّوّل أحفاد جدّي لأمّي ... كانوا ينتظرون ولدا ... أمّي وحيدته بين خمسة ذكور ... و أنا ولدت طعنا في فحولة أبي ... كلّ أخوالي متديّنون ... ملتزمون بعاداتهم الصّعيديّة المتزمّتة ... المرأة لا تختلط بالذكور .. لا تعمل ... لا تلبس الفاضح ... لا تتحدّث بصوت عال ... لا تجادل ... لا تسأل ... و كل أعمامي كافرون ... فاسدون ... يجدفون بالله ... يشتمون ... نسائهم لا تهدأ في مضجع ...

هنّ من يعملن بينما ينيك أزواجهنّ أمهاتهِنّ و إخواتهنّ ... قضّيت طفولتي بوجهين ... أقلّم أضافري عندما أعبر النّهر و أترك الشيطان يأخذ قيلولته القصيرة عندما اعود للعائلة الدّاعرة ... يقول خالي أنه يجب ان أكون بنتا بقلب رجل ... و عمّي يخفي عن أبي أني أضاجع إبنه ... يضربني خالي كلّما غفلت عن آية في سورة ياسين و عمّي لا يعرف أنّ موسى يسبق عيسى في ترتيب الأنبياء ... خالي يمنع عنّي الرّقص و الموسيقى و يمنع حتى ترديد الأغنيات يسمّيها ميوعة و يضربني لأني أقول كلمات فاحشة بينما انا نفسي لا أفهمها ...

عمّي يعلّمني رقصة الشّيطان ... "الحجّالي" رقصة الوحوش ... تغيب في جحيم الكون و أنت تؤرجح رأسك يمينا يسارا و تسقط على ركبتيك ضاربا صدرك ملئ كفيّك ... الله يخرج عن الحجاب ... قضّيت طفولتي بوجهين ... لم أركب دراجة هوائيّة أبدا حتى لا افقد عذريتي ... لم أقفز فوق هضبة الرّمال أسفل السّور ... لم أبكِ على ميّتٍ لأني لا أعرف أحدا ... لم أُخرج يدي من شبّاك السيّارة لألوّح للوسيم الذي غازلني ... لم أقضّ ليلة واحدة خارج بيتنا ... و لم أكن أزور صديقاتي ... لم يُسمح لي باستعمال الهاتف ليلا ... لم أكن أصرّح بحبي لشاب إلا ليجلدوني ... لم أكتب رسالة مباشرة أبدا ... كل طفولتي كانت رموزا ... أخفيها بين طيّات بطن أّمّي الذي حملنا ثلاث بنات ... أخفي نهدي بقمصان أبي ... و أوزّع نفسي على المارّة عندما يغيب نسبي لجدّي لأمّي ... قضّيت طفولتي أتدحرج على الحجارة ... النّهر عبَرني ... على كتفيْ صورتين حيّتين لملاك الخير و ملاك الشّر ... بين عيني صورة واضحة ... غدا سأصبح رجلا ... بقلب إمرأة ...