Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
العناق
Ons Ben Essayed - أنس بن السيد
مثل الكثير من النساء والبنات أعاني من رهاب التلامس، كان يكفى أن يلمس جسمي جسم أي رجل مصادفة حتى تتشنج عضلاته بشكل دفاعي متوتر ومؤلم
يبدو الموضوع بسيطا.. لكننى كنت أعيشه كما تعشيه الكثير من النساء كإعاقة حقيقية تمنعني من الإندماج في المجموعة والسير في الأماكن العامة والتزاحم في عالم يكاد يكون فيه التدافع الجسدي ضروريا لقضاء الحاجيات وفرض الذات.
يبدو الموضوع بسيطا.. لكننى كنت أعيشه كما تعشيه الكثير من النساء كإعاقة حقيقية تمنعني من الإندماج في المجموعة والسير في الأماكن العامة والتزاحم في عالم يكاد يكون فيه التدافع الجسدي ضروريا لقضاء الحاجيات وفرض الذات.
كان يعاب علي أن أكون 'فينو' فلا أتجرا على الأماكن الشعبية المزدحمة أو النقل العمومي أو التوغل في الأسواق
لتفادي كابوس الهلع وآلام الشد العضلي الذي يحدثه التوتر....
كل المحاولات كانت تنتهي بالتحرك في مساحات آمنة ذات كلفة مادية.
للأمان ثمن ولا بأس بذلك، لكني توصلت أن لا ثمن يلغي الخوف هو هنا دائما، بكل ثقله حتى إن لم يكشّر عن مخالب القلق ولم يفضح نفسه بأي إستعراض عصبيّ..
كان يمكنني تفادي كل مثيرات الخوف وأحارب مسبباته دون أن أتمكن حقا من القضاء عليه..
وكحل لمجابهة أكبر مخاوفي تخيلت نفسي أدعو من غرباء إفتراضيين في حملة عناق مجانيّة..
لا يمكنني أن أسترجع حجم الإرتباك الذي أحسست به وأنا أقف مرتجفة بعصبية واضحة وسط الشارع حاملة لافتة مكتوبة بخط عريض
"التعنيق اليوم بلاش"
مشهد الناس كان مضحكا، البعض يصدم والبعض يضحك ويواصل طريقه والبعض يعلق.. ثم تجرأت إمرأة وإقتربت مني وعانقتني و ضحكت.. وأحسست بحضنها بشئ من الإطمئنان وبدرجة توتري تخف...عظلاتي ترتخي وتنفسي يعود إلى طبيعته..إقترب رجل،إشتدت أصابعي حول اللافتة وأنا أشد على إبتسامتي في تماسك كاذب..
بالكاد لامسني حتى إبتعدت وأنا أضحك بعصبية لأعناق فتاة أخرى كانت تنتظر دورها.. ثم فتاة أخرى، ثم شاب الجميع حولي يضحكون
السماء زرقاء والأشجار تبدو جميلة.. بعض العصافير تقف على رأس الفوانيس وسحب بيضاء متفرقة صغيرة.. أنا أحفظ تلك السماء وزرقتها..
لكن الشارع كان مختلفا، والهواء كثير..
أنا هنا بذات جسدي الصغير والهش، الذي يمكن أن يؤذيه أي رجل بدفعة عنيفة أو ركلة أو تحرش.. أو حتى نظرة أو حركة.. أقف بذات الجسد وسط الشارع أعانق أجساد غريبة تحت ضوء الشمس لا أكاد أميز من بينها الرجل من الأنثى.. وأشعر بالمحبة والتقبل والأمان..
لم يكن الأمر مرعبا كما تخيلته..
أو أن الناس كانوا قادرين على أفضل مما أتوقعه منهم كانوا قادرين على إبداء العطف والإنفتاح للمزاح والمشاركة دونما عنف....
تلك 'الربما' كانت دودة الشك والممكن التي تغلغلت صلب الخوف وتزعزع سيطرته على إدراكي و حواسي..
تلك العناقات المجانية الغريبة كانت أول خطوة بطريق العلاج
لازال متواصلا للتعافي والتصالح مع جسدي والإنطلاق نحو الآخرين لا بإعتبارهم كائنات جنسية مغتصبة ووحوشا غير مأمونة وقنابل موقوتة..بل باإعتبارهم كائنات آدمية عاطفية ومفكرة قادرة على التفاعل والتمييز. قادرة على التعبير عن العاطفة والمودة والمشاركة..
تلك العناقات المجانية، جعلتني أستعيد بشكل كبير نصيبي من الشارع وتجبر بعض حقي في الأمان.. وفتحت داخلي شباكا صغير من الأمل، تسرب منه منذ ذلك الوقت، الكثير من الشمس....لأفيق من أمنيتي وحلمي الصغير لأجد نفسي في دوامة التشنج المهبلي .....
لتفادي كابوس الهلع وآلام الشد العضلي الذي يحدثه التوتر....
كل المحاولات كانت تنتهي بالتحرك في مساحات آمنة ذات كلفة مادية.
للأمان ثمن ولا بأس بذلك، لكني توصلت أن لا ثمن يلغي الخوف هو هنا دائما، بكل ثقله حتى إن لم يكشّر عن مخالب القلق ولم يفضح نفسه بأي إستعراض عصبيّ..
كان يمكنني تفادي كل مثيرات الخوف وأحارب مسبباته دون أن أتمكن حقا من القضاء عليه..
وكحل لمجابهة أكبر مخاوفي تخيلت نفسي أدعو من غرباء إفتراضيين في حملة عناق مجانيّة..
لا يمكنني أن أسترجع حجم الإرتباك الذي أحسست به وأنا أقف مرتجفة بعصبية واضحة وسط الشارع حاملة لافتة مكتوبة بخط عريض
"التعنيق اليوم بلاش"
مشهد الناس كان مضحكا، البعض يصدم والبعض يضحك ويواصل طريقه والبعض يعلق.. ثم تجرأت إمرأة وإقتربت مني وعانقتني و ضحكت.. وأحسست بحضنها بشئ من الإطمئنان وبدرجة توتري تخف...عظلاتي ترتخي وتنفسي يعود إلى طبيعته..إقترب رجل،إشتدت أصابعي حول اللافتة وأنا أشد على إبتسامتي في تماسك كاذب..
بالكاد لامسني حتى إبتعدت وأنا أضحك بعصبية لأعناق فتاة أخرى كانت تنتظر دورها.. ثم فتاة أخرى، ثم شاب الجميع حولي يضحكون
السماء زرقاء والأشجار تبدو جميلة.. بعض العصافير تقف على رأس الفوانيس وسحب بيضاء متفرقة صغيرة.. أنا أحفظ تلك السماء وزرقتها..
لكن الشارع كان مختلفا، والهواء كثير..
أنا هنا بذات جسدي الصغير والهش، الذي يمكن أن يؤذيه أي رجل بدفعة عنيفة أو ركلة أو تحرش.. أو حتى نظرة أو حركة.. أقف بذات الجسد وسط الشارع أعانق أجساد غريبة تحت ضوء الشمس لا أكاد أميز من بينها الرجل من الأنثى.. وأشعر بالمحبة والتقبل والأمان..
لم يكن الأمر مرعبا كما تخيلته..
أو أن الناس كانوا قادرين على أفضل مما أتوقعه منهم كانوا قادرين على إبداء العطف والإنفتاح للمزاح والمشاركة دونما عنف....
تلك 'الربما' كانت دودة الشك والممكن التي تغلغلت صلب الخوف وتزعزع سيطرته على إدراكي و حواسي..
تلك العناقات المجانية الغريبة كانت أول خطوة بطريق العلاج
لازال متواصلا للتعافي والتصالح مع جسدي والإنطلاق نحو الآخرين لا بإعتبارهم كائنات جنسية مغتصبة ووحوشا غير مأمونة وقنابل موقوتة..بل باإعتبارهم كائنات آدمية عاطفية ومفكرة قادرة على التفاعل والتمييز. قادرة على التعبير عن العاطفة والمودة والمشاركة..
تلك العناقات المجانية، جعلتني أستعيد بشكل كبير نصيبي من الشارع وتجبر بعض حقي في الأمان.. وفتحت داخلي شباكا صغير من الأمل، تسرب منه منذ ذلك الوقت، الكثير من الشمس....لأفيق من أمنيتي وحلمي الصغير لأجد نفسي في دوامة التشنج المهبلي .....
أنس بن السيد
Website Design Brisbane
Tags: