كانت محاولة فاشلة للإنتحار ، حسنا ، فاشلة و غبية ، قمت بكل الطقوس الغريبة ، نهضت من فراشي منهكة ، مستنزفة القوى ، القوى التي خارت من البكاء و النحيب و الصراخ الصامت الغير المسموع الذي ضاق بي صدري .. نهضت متثاقلة لا أريد الا اجابة عن سؤال " اما آن لهذا الوجع أن ينتهي؟" ..

دخلت بيت الاستحمام و انا أحاول أن أتجنب رؤية ملامح وجهي في المرآة و لكن عبثا ..

ملامح وجهي بحالتها تلك ، كانت السبب الرئيسي لتجتاح فكرة الانتحار بالي ،ملامح وجهي الصادقة أكثر من اللزوم ، التي لا تخفي وجعي مهما كابرت و ابتسمت كذبا ،

ملامح وجهي التي تخونني في المواقف التي يجب أن أتظاهر بقوتي و ثباتي فيها ..

التظاهر بالقوة و الثبات ، تبا ، لقد استنزف كل ما في هذا التظاهر الغبي ، كان علي أن أتظاهر بشيء ما في كل مناسبة ،..

هذا ما أتعبني .. نعم أتعبني جدا اظهار عكس الخراب الذي أصابني ..

أتعبني الصمت .. أتعبتني الصلابة البلهاء التي يجب أن أثبت لمن حولي أنني أجيدها مهما كان هول مصابي ..

كنت هشة ساعتها بدرجة لم أعهدها بي ، لا يجول بذهني الا كيف سأضع حدا لهذا الكم الهائل من الوجع ..

كان سببا في كل شيء و نقيضه .. حتى لما اهداني الحياة يوما ما ... لم يلبث أن اهداني هته الفكرة اللعينة بانهاء الحياة ..

تسارعت حولي الافكار و الذكريات ، شعرت بحرارة و رعشة تسري في جسدي ، انهمرت سيول دموع باردة على خدي ، و شهقات ثقبت صدري ،

موت موت موت هذا ما سمعته و رددته ارجاء الغرفة ..

وضعت يدي على رأسي و أغمضت عيوني ، لم يهفت ذلك الصوت ..

أخذت نفسا عميقا ثم صرخت .. بكل ما أوتيت من وجع صرخت .

كانت محاولة فاشلة و غبية للانتحار ، أظن أن الموت خاف من صرخة الوجع التي اطلقتها، و أدرك أنه لن يستطيع أبدا مساعدتي ، وجعي لا حل له ، حتى الموت لن يغير شيئا.

حملت وجهي الملتاع و خرجت أتظاهر بوجه جديد.

**

شكرا لذلك الوجع ، لتلك التجربة الغبية الفاشلة ، لقد ساعدتني كثيرة ، أنا الآن حرة ، أو لأكون أدق لست مسيرة ، بكلمة علمية سأفسر بعد أن اجتزت ال intensité seuil ، أصبحت عندي أريحية التحكم بالوضع العام  ، لن

تتعسف بي الظروف مجددا . و من هنا أؤكد أن الإنسان يضحى حرا بعد تجربة الانتحار الفاشلة الأولى .