ابنتي العزيزة ..

اكتب لكِ خطابي هذا لرغبة وحيدة أنانية من قبلي في التحدث إلى شخص لا أعرفه ولا يعرفني وكنت أنت الاختيار الأمثل.

لا أعلم كم من الوقت سيتطلب لحضورك إلى العالم بجواري ولا أدري أن كنت ستأتين أصلا لأنني -وللأمانة طبعا - لا أعلم أن كنت سأتزوج لأمنحك فرصة الحضور إلى هنا.

حسنا أنا لن  أكتب لأقول لكِ مثلما تقول الأمهات العاديات " لا تثقي بأحد يا صغيرتي" ، لا بالعكس ، عيشي جميع تجاربك  و أطلقي العنان لنفسك لتتعلمي جميع الدروس ،لكن يا صغيرتي احذري ان تكوني  رقيقة وهشة للدرجة التي يحركك الهوى يمينًا ويسارًا ثم يتركك في مهب الرياح حين يمل من خفتك. البعض قد يكره الأرواح الخفيفة، و طبع الإنسان هكذا يعتاد ثم يتمرد على ما إعتاده، أنه الدرس الذي أخشى على قلبك الصغير أن يتعلمه بقسوة.

العالم الذي ستأتين إليه قاس للغاية، أعلم أنه ربما سيأتي يوم و تصرخين في وجهي معاتبة  وكيف أتي بك إلى هذا المكان الموحش ان كنت أخشى عليك منه كما قلت سابقا .. ولكن يا حلوتي كيف سأنظر إلى عينيك وأمسك بيدك وأقف خلفك وأنت تحاربين وتواجهين وتأتين إلي منكسرة مرة ومنتصرة مرات؟ كيف أمنع نفسي وإياك من التواجد إلى جوار بعضنا البعض و"الونس" الذي سيلف أيامنا. ربما قرار إحضارك إلى هنا أناني -أيضًا- ولكن ربما سيكون أيضًا من الأنانية أن أمنع هذا.

يجب أن أخبرك أنني قد اخترت اسمك منذ سنوات عديدة،  "يافا" اسم أظنه مختلف وسيليق بك وبالظروف التي ستحيط بحياتنا سويًا، اسم سيحمل الجمال و الوطن و ما فيه من قوة و صبر و جلد و مقاومة ..

نصيحة أخرى يا عزيزتي، حاولي الاستماع إلى عقلك أكثر، كوني عقلانية ومتزنة حين تقدرين على ذلك، ذلك الصوت الصغير الذي يحاول دائمًا التحدث بداخلك ليخبرك أن هذه شخصية سيئة فاحذريها أو هذا يوم يجب تجنب التحرك من سريرك فيه أو أشياء عديدة أخرى، استمعي اليه بجدية ، لا تغامري بمعاندته واستكشاف ما خلف التحذير، الفضول سيقتل روحك يا صغيرة، ليس دائمًا بالطبع ولكن في هذه الحالة سيفعل.

حافظي على قلبك ولا تهدري مشاعرك وتستنزفي كلماتك ولحظاتك وحزنك، الحزن أمر جليل للغاية ويجب مهابته، لا تستهينِ أبدًا بلحظة حزن خاصة بأي شخص مهما بدا لك الأمر جنوني أو ضئيل ولكنك لم تختبريه مثله، لست بمكانه الآن فلا تتنمري على مشاعره.

سآمل ألا تكون حياتك صعبة أو يكسر بقلبك الغض وأن تغرب عنك الوحدة ودقات الساعة التي تنبهك في كل دقيقة إلى عمرك المهدر

سآمل أن تحيط بك الأرواح الطيبة والقلوب التي لا تستوعب احتضان الضغائن والأحقاد وأن يجعلك جميلة المعشر قبل المظهر.

و خاصة أن يكوم لك نصيب أكبر مني في السعادة والحب.