إليهن

femme-forteRim Souhail - ريم سهيل

حدثتني أختي عن عمق خوفها من الثلاثين, أختي التي تكبرني بسنة و ذلك بعد بلوغها الخامسة و العشرين .. حدثتني صديقاتي البارحة أيضا عن عمر الثلاثين بغصّة من نوع العجز و بعض التكبيل..

سأخبركم بإحساسي بمرور العمر و أنا التي تمر عليا السنين بعقود و الأيام بأشهر.. سأخبركم بإحساسي و أنا أنحني بقامتي على سن الأربعين.. أو الخمسين أو لا أدري ربما الأزل و اللانهاية.. السنين تعداد عقيم لأعمارنا, السنين أو ما تحمله من تجارب, السنين أو ما نختار فيها من طرق, ما نختار فيها من حلول.. التجربة هي التعداد الأصح, الحرية و ما صنعت في أيامك من حكايات و معرفة..

بعد عشرين عاما من الآن لن نندم سوى على ما لم نعشه من تجارب..

كوني أنانية..

فكري بنفسكِ بعمركِ الضائع بتضييق القيود..  

فكري بنفسك ثم نفسك ثم نفسك ثم بغيرك..

فكري بنفسك بعد عشرين عاما من الآن..

بعد أن يعدم هذا المفهوم البالي للشرف, بعد ان يموت الأم و الأب و الجد و الجدة و ترحل معهم أحكامهم الرجعية, و كما يقول المثل "بابا وقتاش نوليو شرفة قلوا بعد ميموتوا كبار الحومة" ... هذي العقلية الرجعية المريضة التي تصر على تضييق القيود على الأنثى و إعتبارها "شرف" لم يقدر الرجل على صنعه بيديه لا تختفي إلا بموتهم إعدامهم و محاربتهم كما حاربوا هم خصلات شعري المتناثرة في وجه جبروتهم, كما تكلموا وراء ظهري بعد أن لبست الحجاب و نزعته, كما يتتبعون وقت خروجي و وقت دخولي ليرموا تربية والدي بالحجر و يمجدوا أنفسهم على حساب نقصي أو ما يعتبرونه نقصي... سيحاربوك أيتها الحرة.. سيستغلون حبكِ لهم ليستعبدون.. ليصنعوا منك متاعا خاصة و إستثمارا من إستثماراتهم و شرف تدفنين بسببه بين أربعة جدران.. لتظفري الشيب و أنت من حكم رجل إلى آخر.. من متاع أب إلى متاع زوج..  

الخطوة للأمام تحتاج أنانية كبيرة, إيمانا عظيما أن خطوتك في تحديهم جميعا و محاربة تلك العقلية ستحررك أولا و تفتح الطريق لغيرك.. لأبنائكِ الذين تهديهم الحرية التي آمنتي بها و حاربتي لأجلها, ستوفر عليهم أيضا عناء حرب كحربك.. ستهديهم تحديات جديدة دون أن يعلقوا في الزمن كما علقتي و علقت أمك من قبلك..

إليهن,

إلي كل اللواتي يعيشن بهويات أخرى غير تلك التي في عقولهم, يلبسون الحجاب رغم أنهن لم يعدن مقتنعات به, يخفون سيجارتهن في الحمامات العمومية خوفا من لعناتهم.. يكتمن رغباتهن و يتهامسن أفكارهن المختلفة خشية الرجم..

إلى اللواتي يكبلهن الخوف و تقتلهن أحكام المجتمع و تضيع أعمرهن..

ثوري ما أجملك حين تثوري.. ما أجملك و أنت في الثلاثنات و في أجمل أيام الشباب و ما أجملك الشيب يغزو شعرك.. ما أجملك في كل الأعمار و أنت ثائرة..

الآلهة يا رفيقتي لا تتقدم في العمر  و أنت آلهة و لو كره الكارهون و حارب الجاهلين و كبل الجلادون...

بقلم ريم سهيل

إليهن