أكتب لبلدي الأم
Bechir Ben Hafsa - بشير بن حفصة
ها أنا ذا
في مقهى شعبي
ببلدي الأم
و ما عدت أدري
ما عدت أدري ماهو بلدي الأم بعد الآن
لست مرتاحا هنا
أسير هائما بين شوارع المدينة
أحيي الناس بابتسامة مصطنعة ميتة..
حضر الجسد هنا و غابت الروح
فقد تركتها هناك
مع المرأة اللتي أحب
أودعتها لابتسامتها اللتي لا تفارق خيالي
كم هي جميلة تلك اللحظات
لحظات جنون عشق بريئة حملتنا على أجنحتها
لحظات تاريخية زرعت في كياني كحجر المعبد
كل شيئ كان مثاليا
جسدك.. الموسيقى
حتى الضوء المتسلل من النافذة
حرارة اعتلتني زدت لهيبها بقبلاتك الحارقة
شفتاك تلمعان
خطاب الألسن
أنات النشوة
ضحكاتك المنغمة و غنجك
كل هذا كان مثاليا إلى أن جاء خبر وفاتي
بعد أن كنا نرتع في غمار الحياة
خيبة أمل.. فرحة لم تدم
نحرنا ذلك الخبر
فسالت دمائنا دموعا علها تخفف وطأته
و لكن ما باليد حيلة
أجد نفسي أضمك إلى صدري عميقا
عميقا إلى داخل روحي
اللتي اودعتها لابتسامتك
تلك الابتسامة اللتي دعتني أن أكون قويا
متحججة بأن رحيلي أنسب من بقائي
و كلانا يعلم جيدا أنها حجج واهية نحاول بها
إسكات الصراخ اللذي اعترانا
حتى خروجنا و ضحكاتنا على المارة
أعلم أنها كذبة
تخفي ألما عميقا
ألم فراق لا بد منه
لمستقبل أفضل
كرحيل الجندي عن الوطن
كرحيل الإبن عن الأم
كرحيل الأصدقاء و العاشقين
عديدة هي التفاصيل
استقي منها الآن و أقتات عليها
أفكاري أصبحت مشوشة فلم تعد فتاتي تسكنها
بل جل ما أفكر فيه هو النشوة فالندبة
و لكن أعلم أن القدر كما منحنا فرصة لحظة الفرح
سيمنحنا غيرها الكثير
طالما نسير في طريق المدينة متشابكي الأيادي
و عينانا تتخاطبان
وحيد في المقهى أكتب لك
أكتب لبلدي الأم
بشير بن حفصة
Website Design Brisbane