أشعل نار ذكرياته
رصيف الأمل
بعدما تلاشت الأماكن وتوقف به الزمن
توجه إلى زاوية طاولة بمقهى منعزل
أخرج علبة السجائر من جيبه اﻷيسر..
أشعل نار ذكرياته ليتنفس بحرقة حاضره،
كالمعتاد.. طلب فنجان "إسبرسو قصيرة"،
عله ينسى بترشفها أيامه ولياليه المريرة..
إنكمش على شاشة هاتفه الذي إنقطع صوته منذ عصور
بعد فراق من كان يخصه بلحن نغم أعذب من أي عصفور..
إستجمع قواه وآستحضرأوهام طيف وأشباح..
ليبادلها في صمت حديث أيام حنين و جراح،
خانته مخارج الكلمات وآختنقت في حلقه العبرات..
وعجز على إستيعاب ما قد ضاع من سنينه وفات..
بعد أن ظن بأنه قد وجد اﻷفراح وآحتضنته الحياة ..
حينها آرتسمت على وجهه الحسرات..
وليواري سوءة ظنه وآﻵم تلك الخيبات
ظل يلتهم الدخان على أمل أن تسكن اﻷوجاع التي
فاض بها صدره وذبحت من الوريد إلى الوريد قلبه..
عبثا.. حاول مراقبة عقارب ساعته التي آختنقت
بدخان آخر سيجارة في علبته..
وككل مرة فشل في تخطي بوابة سجن قد أدمنه،
ضاق به المكان وتململ في جلسته..
ثم أخمد بقايا أحلامه في رماد طفائته
إستقام بآعوجاج شيخ السبعين من عمره،
حاملا على ظهره أطنان أحزان خلت بأنها
إلى نصفين ستقصمه؛
ثم توارى في ذبول بعيدا عن اﻷنظار
و تناثر في كل خطوة خلفه الغبار ..
مثل ريح حملت أنفاسه مع دخان كل سيجار.
رصيف الأمل
Website Design Brisbane